للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الميم، والفاء، بينهما نون ساكنة-: اسم بمعنى الانتفاع، قال الفيّوميّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: النفع: الخير، وهو ما يَتَوَصّل به الإنسان إلى مطلوبه، يقال: نفعني كذا ينفعني نَفْعًا، ونَفِيعةً، فهو نافع، وانتفعتُا بالشيء، ونفعني الله به، والمنفعة اسم منه. انتهى (١).

(فِي الِاسْتِكْثَارِ) أي طلب الكثير، فالسين، والتاء للطلب، وهو متعلّق بـ "يُرجى"، أو بـ "المنفعة" (مِنْ هَذَا الشَّأْنِ) أي من هذا الأمر، والمراد علم الحديث، والجارّ والمجرور متعلّق بـ "الاستكثار" (وَجَمْعِ الْمُكَرَّرَاتِ) بالجرّ عطفًا على"الاستكثار" من عطف الخاصّ على العامّ؛ لأن الاستكثَار يعمّ جمع المكرّرات وغيره. وقوله: (مِنْهُ) أي من هذا الشأن، متعلّق بـ "المكررات" (لِخَاصَّةٍ) متعلّق بـ "يُرجى"، أو بـ "المنفعة"، و"الخاصّة": خلافُ العامّة (مِنَ النَّاسِ) متعلّق بصفة لـ "خاصّة": أي كائنة من الناس.

ثم بيّن المراد بـ "الخاصّة" هنا بقوله (مِمَّنْ رُزِقَ) بالبناء للمفعول، و"من" بيانية، والجار والمجرور بدل من الجار والمجرور قبله بدلَ بعض من كلّ (فِيهِ) أي في هذا الشأن، متعلّق بما قبله (بَعْضَ التَّيَقُّظِ) بالنصب على المفعوليّة لـ "رُزق"، و"التيقّظ" مصدر تيقّظ: إذا انتبه للأمور، يقال: يَقِظَ يَقَظًا، من باب كَرُم، وتَعِب، ويَقَظَة بفتح القاف، ويَقَاظة: خلاف نام، أو انتبه للأمور، كاستيقظ، وتيقّظ. أفاده في "القاموس"، و"المصباح" (وَالْمَعْرِفَةِ) بالجرّ عطفًا على "التيقّظ" (بِأَسْبَابِهِ) أي أسباب الحديث، والسبب في اللغة: هو الحبلُ الذي يُتوصّل به إلى الاستعلاء، ثم استُعير لكلّ شيء يُتوصّل به إلى أمر من الأمور، فقيل: هذا سبب هذا، وهذا مُسبّبٌ عن هذا. أفاده الفيّوميّ (٢). وقال ابن منظور: السبب كلّ شيء يُتوصّل به إلى الشيء. انتهى (٣).

والمراد به هنا الأمور التي يُتوصّل بها إلى معرفة صحة الحديث وضعفه، من استكمال شروط القبول، وعدمها. وقوله (وَعِلَلِهِ) جمع علّة، وهي: عبارة عن معنى في الحديث خَفِيّ يقتضي ضعفه، مع أن ظاهره السلامة منها، فتارة تكون فيِ المتن، وتارة تكون في الإسناد، وسيأتي البحث عنها مستوفى -إن شاء الله تعالى- (فَذَلِكَ) إشارة إلى من رُزق بعض التيقظ والمعرفة. وقوله (إِنْ شَاءَ اللَّهُ) جملة معترضة بين المبتدإ والخبر، أتى بها إشارة إلى أن مجرّد كون الخصر متهيّئًا للوصول إلى هذه الفائدة لا يجدي شيئًا إلا بتوفيق الله تعالى، وتيسيره، وتسهيله. والله تعالى أعلم. فقوله: "فذلك" مبتدأٌ، خبره قوله: (يَهْجُمُ) بفتح أوله، وضمّ الجيم، قال الفيّوميّ: هَجَمتُ عليه هُجُومًا، من باب قعد: دخلتُ بغتةً على غفلة منه، وهجمته على القوم: جعلته يَهْجُمُ عليهم، يتعدّي، ولا


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٦١٨.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ٢٦٢.
(٣) "لسان العرب" ١/ ٤٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>