للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العوجاء، ومحمد بن سعيد المصلوب، والحارث الكذّاب الذي ادّعى النبوّة في زمن عبد الملك بن مروان، والمغيرة بن سعيد الكوفيّ، حتى قال حماد بن زيد: وضعت الزنادقة على النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أربعة عشر ألف حديث، رواه العقيليّ. وقال ابن عديّ: لما أُخذ ابن أبي العوجاء، وأُتي به محمد بن سليمان بن عليّ، فأمر بضرب عنقه، قال: والله لقد وضعت فيكم أربعة آلاف حديث، أُحرّم فيها الحلال، وأُحلّ الحرام. قال ابن الجوزيّ: وقد كان من هؤلاء من يتغفّل الشيخ، فيدُسّ في كتابه ما ليس من حديثه، فيرويه ذلك الشيخ ظنّا منه أنه من حديثه.

وإلى هذا الصنف أشرت في منظومتي المذكورة بقولي:

الصِّنْفُ الأَوَّلُ هُمُ الزَّنَادِقَهْ ... الْهَاجِمُونَ الظَّالِمُونَ الْمَارِقَهْ

حَمَلَهُمْ أَنِ اسْتَخَفُّوا الدِّينَا ... فَلَبَّسُوا عَلَى الْوَرَى الْيَقِينَا

كَابْنِ أَبِي الْعَوْجَاءِ مَعْ مُحَمَّدِ ... وَالْحَارِثِ الْكَذَّابِ بِئْسَ الْمُعْتَدِي

مُغِيرَةُ الْكُوفِيُّ بِئْسَ الْهَالِكُ ... جَزَاهُمُ السُّوءَ الإِلَهُ الْمَالِكُ

الصنف الثاني: أصحاب الأهواء، والبِدَع، وضعوا نصرةً لمذاهبهم، أو ثَلْبًا لمخالفيهم، روى ابن أبي حاتم في مقدّمة "كتاب الجرح والتعديل" عن شيخ من الخوارج أنه كان يقول بعدما تاب: انظروا عمن تأخذون دينكم، فإنا كنا إذا هوينا أمرًا صيّرنا له حديثًا. وقال الحاكم أبو عبد الله: كان محمد بن القاسم الطالَقانيّ من رؤساء المرجئة يَضَع الأحاديث التي ظاهرها التجسيم، وينسبها إلى أهل الحديث، يقصد الشناعة عليهم؛ لما بينه وبينهم من العداوة المذهبيّة.

وقال أبو العبّاس القرطبيّ، صاحب "المفهم": استجاز بعض فقهاء أهل الرأي نسبة الحكم الذي دلّ عليه القياس إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نسبة قوليّةً، فيقول في ذلك: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كذا، ولهذا ترى كتبهم مشحونة بأحاديث تشهد متونها بأنها موضوعة؛ لأنها تشبه فتاوى الفقهاء، ولأنهم لا يقيمون لها سندًا.

وإلى هذا الصنف أشرت بقولي:

يَلِيهِمُ الْمُبْتَدِعُونَ وَضَعُوا ... لِنُصْرَةِ الرَّأْيِ فَبِئْسَ الْمَفْزَعُ

أَوْ ثَلْبِ مَنْ خَالَفَ كَابْنِ الْقَاسِمِ ... وَابْنِ شُجَاعِ اللَّئِيمِ الظَّالِمِ

وَبَعْضُ أَهْلِ الرَّأْيِ قَالَ يُنْسَبُ ... إِلَى النَّبِي مَا بِالْقِيَاسِ يُجْلَبُ

لِذَا تَرَى كُتْبَهُمُ تَشْتَمِلُ ... مَا لا يُرَى بِسَنَدٍ يَتَّصِلُ

الصنف الثالث: قوم اتّخذوا الوضع صناعة، وتسوّقًا؛ جراءة على الله سبحانه وتعالى وعلى رسوله -صلى الله عليه وسلم-، حتى إن أحدهم ليسهر عامّة ليله في وضع الحديث، كأبي

<<  <  ج: ص:  >  >>