للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الترغيب، لقلت لا يحسن إلا هذا، وإن حدث عن الأنساب، لقلت لا يعرف إلا هذا، وإن حدث عن القرآن والسنة، كان حديثه نوعا جامعا. وقال ابن أبي مريم، عن الليث: قال الزهري: ما نشر أحد من الناس هذا العلم نشري، ولا بذله بذلي. وقال ابن مهدي، عن وهيب بن خالد، سمعت أيوب يقول: ما رأيت أحدا أعلم من الزهري، فقال له صخر بن جويرية: ولا الحسن، قال: ما رأيت أعلم من الزهري، وكذا قال أبو بكر الهذلي. وقال إبراهيم بن سعد بن إبراهيم: قلت لأبي: بم فاقكم ابن شهاب؟ قال: كان يأتي المجالس من صدورها، ولا يَلقَى في المجلس كهلا إلا ساءله، ولا شابا إلا ساءله، ثم يأتي الدار من دور الأنصار، فلا يلقى شابا إلا ساءله، ولا كهلا، ولا عجوزا، ولا كهلة إلا ساءلها، حتى يحاول ربات الحجال. وقال سعيد بن عبد العزيز: سأل هشام بن عبد الملك الزهري، أن يملي على بعض ولده، فدعا بكاتب، فأملى عليه أربعمائة حديث، ثم إن هشاما قال له: إن ذلك الكتاب قد ضاع، فدعا الكاتب، فأملاها عليه، ثم قابله هشام بالكتاب الأول، فما غادر حرفا. وقال عبد الرزاق، عن معمر: ما رأيت مثل الزهري في الفن الذي هو فيه. وقال مالك: كان من أسخى الناس. قال أبو داود، عن أحمد بن صالح يقولون: إن مولده سنة خمسين، وقال خليفة: ولد سنة إحدى وخمسين، وقال يحيى بن بكير: سنة ست، وقال الواقدي: سنة ثمان، وكان وفاته سنة ثلاث وعشرين، قاله ضمرة بن ربيعة، وقال القطان وغير واحد: مات سنة ثلاث، أو أربع، وقال أبو عبيدة، وابن المديني، وعمرو ابن علي: في آخر سنة أربع، زاد الزبير بن بكار في رمضان، وهو ابن اثنتين وسبعين سنة، وقال ابن يونس وغيره: مات في رمضان، سنة خمس وعشرين ومائة.

وقال في "التقريب": الفقيه الحافظ، متّفقٌ على جلالته وإتقانه، وهو من رؤوس الطبقة الرابعة. انتهى.

أخرج له الجماعة، وله في "صحيح مسلم" (٦٠٦) ستمائة وستة أحاديث. (فِي جَلَالَتِهِ) أي بسبب عظمته، فـ "في" بمعنى الباء السببية، كما في حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- ما، مرفوعًا: "عُذبت امرأة في هرة حبستها حتى ماتت جوعا ... " الحديث، رواه البخاريّ (١)، أي بسبب هرة (وَكَثْرَةِ أَصْحَابِهِ) من عطف


(١) هو ما أخرجه البخاريّ رحمه الله في "كتاب المساقاة" من "صحيحه"، فقال:
٢٣٦٥ - حدثنا إسماعيل، قال: حدثني مالك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- قال: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "عذبت امرأة في هرة حبستها حتى ماتت جوعا، فدخلت فيها النار، قال: فقالوا -والله أعلم-: لا أنت أطعمتها، ولا سقيتها حين حبستيها، ولا أنت أرسلتها، فأكلت من خشاش الأرض".

<<  <  ج: ص:  >  >>