للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ممن رواه أولا ناقصا، أم من غيره، وسواء تعلق بها حكم شرعي، أم لا، وسواء غَيّرت الحكم الثابت، أم لا، وسواء أوجبت نقض أحكام ثبتت بخير ليست هي فيه، أم لا، وقد ادَّعَى ابن طاهر الإتفاق على هذا القول، وقيل: لا تقبل مطلقا، لا ممن رواه ناقصا، ولا من غيره، وقيل تقبل إن زادها غير من رواه ناقصا، ولا تقبل ممن رواه مرة ناقصا. وقال ابن الصباغ: فيه إن ذكر أنه سمع كل واحد من الخبرين في مجلسين قبلت الزيادة، وكانا خبرين يعمل بهما، وإن عزى ذلك إلى مجلس واحد، وقال: كنت أنسيت هذه الزيادة قبل منه، وإلا وجب التوقف فيها. وقال في "المحصول": فيه العبرة لما روى منه أكثر، فإن استوى قُبلت منه، وقيل: إن كانت الزيادة مغيرة للإعراب، كان الخبران متعارضين، وإلا قبلت، حكاه ابن الصباغ عن المتكلمين، والصفي الهندي عن الأكثرين، كأن يُروَى في أربعين شاةٌ، ثم في أربعين نصفُ شاة، وقيل: تقبل إن غَيّرت الإعراب مطلقا، وقيل: لا تقبل إلا إن أفادت حكما، وقيل: تقبل في اللفظ دون المعنى، حكاهما الخطيب. وقال ابن الصباغ: إن زادها واحد، وكان من رواه ناقصا جماعة، لا يجوز عليهم الوهم سقطت، وعبارة غيره: "لا يغفل مثلهم عن مثلها عادة"، وقال ابن السمعاني مثله، وزاد أن يكون مما تتوفر الدواعي على نقله، وقال الصيرفي، والخطيب: يُشترط في قبولها كون من رواها حافظا.

وقال الحافظ: اشتهر عن جمع من العلماء القول بقبول الزيادة مطلقا، من غير تفصيل، ولا يتأتى ذلك على طريق المحدثين الذين يشترطون في الصحيح والحسن، أن لا يكون شاذا، ثم يفسرون الشذوذ بمخالفة الثقة من هو أوثق منه، والمنقول عن أئمة الحديث المتقدمين، كابن مهدي، ويحيى القطان، وأحمد، وابن معين، وابن المديني، والبخاري، وأبي زرعة، وأبي حاتم، والنسائي، والدارقطني، وغيرهم اعتبار الترجيح فيما يتعلق بالزيادة المنافية، بحيث يلزم من قبولها رد الرواية الأخرى.

وقد تنبه لذلك ابن الصلاح، وتبعه النوويّ حيث قال: وقسمه ابن الشيخ الصلاح أقساما:

[أحدها]: زيادة تخالف الثقات فيما رووه فترد، كما سبق في نوع الشاذ.

[الثاني]: ما لا مخالفة فيه لما رواه الغير أصلا، كتفرد ثقة بجملة حديث فيقبل، قال الخطيب: باتفاق العلماء.

[الثالث]: زيادة لفظة في حديث لم يذكرها سائر رواته، وهذه مرتبة بين تينك المرتبتين، كحديث حذيفة: "جُعلت لي الأرض مسجدا وطهورا"، انفرد أبو مالك سعد ابن طارق الأشجعي، فقال: "وجعلت تربتها لنا طهورا"، وسائر الرواة لم يذكروا

<<  <  ج: ص:  >  >>