للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو طريقه، ليس له طريق غيره، وقال: "من كنت مولاه فعليّ مولاه" (١)، وأخبر الله أنه رضي عن أصحاب الشجرة، فهل حدثنا أنه سَخِط عليهم بعد. وقال -صلى الله عليه وسلم-: "يا عمر ما يدريك أن الله اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم"، متّفق عليه. وقال يحيى بن سعيد الأنصاري، عن سعيد بن المسيب: كان عمر يتعوذ من معضلة ليس لها أبو حسن. وقال سعيد بن جبير: كان ابن عباس يقول: إذا جاءنا الثبت عن علي لم نعدل به. وقال وهب بن عبد الله، عن أبي الطفيل: كان علي يقول: سلوني سلوني، وسلوني عن كتاب الله تعالى، فوالله ما من آية إلا وأنا أعلم أنزلت بليل أو نهار. وأخرج الترمذي بسند قوي، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، قال: أمر معاوية سعدا، فقال له: ما يمنعك أن تسب أبا تراب؟ فقال: ما ذكرت ثلاثا قالهن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من أن يكون لي حمر النعم، فلن أسبّه، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول، وقد خَلّفه في بعض المغازي، فقال له علي: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، تُخَلّفني مع النساء والصبيان؟ فقال له: "أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبوة بعدي"، وسمعته يقول يوم خيبر: "لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله"، فتطاولنا لها، فقال: "ادعوا لي عليا"، فأتاه وبه رَمَدٌ، فبصق في عينيه، ودفع الراية إليه، ففتح الله عليه، وأنزلت هذه الآية: {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ} [آل عمران: ٦١]، فدعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليا وفاطمة وحسنا وحسينا، فقال: "اللهم هولاء أهلي". وأخرج أيضا، وأصله في مسلم، عن علي قال: لقد عَهِدَ إليّ النبي -صلى الله عليه وسلم- أن لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق". وأخرج الترمذي بإسناد قوي، عن عمران بن حصين، في قصة قال فيها: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما تريدون من علي، إن عليا مني وأنا من علي، وهو ولي كل مؤمن بعدي". وفي مسند أحمد بسند جيد عن علي، قال: قيل: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من تؤمر بعدك؟ قال: "إن تؤمروا أبا بكر تجدوه أمينا زاهدا في الدنيا، راغبا في الآخرة، وإن تؤمروا عمر تجدوه قويا أمينا، لا يخاف في الله لومه لائم، وإن تؤمروا عليا، وما أراكم فاعلين تجدوه هاديا مهديا، يأخذ بكم الطريق المستقيم".

وكان قتل علي في ليلة السابع عشر من شهر رمضان، سنة أربعين من الهجرة، ومدة خلافته خمس سنين إلا ثلاثة أشهر ونصف شهر؛ لأنه بويع بعد قتل عثمان في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، وكانت وقعة الجمل في جمادى سنة ست وثلاثين، ووقعة صفين في سنة سبع وثلاثين، ووقعة النهروان مع الخوارج في سنة ثمان وثلاثين، ثم


(١) حديث صحيح أخرجه الترمذيّ في "المناقب" برقم (٣٩٧٩). وانظر "السلسلة الصحيحة" للألبانيّ برقم (١٧٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>