للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأوضح معناه (حَتَّى أَنْظُرَ) بالنصب بـ "حتّى"؛ لكون الفعل مستقبلًا، كما قال في "الخلاصة":

وَبَعْدَ "حَتَّى" حَالًا أوْ مُؤَوَّلَا ... بِهِ ارْفَعَنَّ وَانْصِبِ الْمُسْتَقْبَلَا

(فِيمَا عَلِمْتَ) "ما" مصدريّة: أي في مقدار علمك، ويحتمل أن تكون موصولًا اسميّا، والعائد محذوف، كما قال في "الخلاصة":

............. ... وَالْحَذْفُ عِنْدَهُمْ كَثِيرٌ مُنْجَلِي

فِي عَائِدٍ مُتَّصِلٍ إِنِ انْتَصَبْ ... بِفِعْلٍ أَوْ وَصْفٍ كَمَنْ نَرْجُو يَهَبْ

أي في الذي علمته من تفسير القرآن.

[تنبيه]: ذكر صاحب "فتح الملهم" أن "علمت" يوجد بفتح التاء، وهو الأظهر، وبضمّها، ويحتمل أن تكون حينئذ "في" سببيّة. انتهى (١).

(قَالَ) سفيان بن حُسين (فَفَعَلْتُ) أي ما أمره به، من قراءة سورة عليه، ثم تفسيرها (فَقَالَ) إياس بن معاوية (لِيَ: احْفَظْ عَلَيَّ) أي منّي، فـ "على" بمعنى "من" على حدّ قوله تعالى: {إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ} الآية [المطففين: ٢] (مَا أَقُولُ لَكَ) "ما" اسم موصول مفعول به لا حفظ: أي احفظ الذي أذكره لك، وهو قوله (إِيَّاكَ وَالشَّنَاعَةَ فِي الْحَدِيثِ) أي أُحذّرك من الشناعة في الحديث، و "الشناعة" -بفتح الشين المعجمة، وتخفيف النون-: القبح. قال القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: الشناعة في الحديث: هو ما يُستقبح، ويُستنكر، يقال: شَنِعتُ بالشيء بكسر النون: أي أنكرته، وشَنُع الشيء بضمّها: قَبُح في نفسه، وشنّعتُ على الرجل مشدّدا: إذا ذكرت عنه قبيحًا. حذّره بهذا القول عن أن يُحدّث الأحاديث المنكرة، فيُكَذَّب، ويَذِلّ. انتهى (٢).

وقال النوويّ: قال أهل اللغة: الشَّنَاعَةُ: القبح. وقد شَنُع الشيءُ بضم النون: أي قبُح، فهو أشنع، وشَنيعٌ. وشَنِعتُ بالشيء بكسر النون، وشَنَّعته: أي أنكرته، وشَنّعتُ على الرجل: أي ذكَرتُهُ بقبيح.

ومعنى كلامه أنه حذّره أن يُحدّث بالأحاديث المنكرة التي يُشَنَّعُ على صاحبها، ويُنكَرُ، ويُقَبَّح حال صاحبها، فيُكذّب، أو يُستراب في رواياته، فتَسقُط منزلته، ويذلّ في نفسه. انتهى (٣).

[فائدة]: قوله: "إياك والشناعة" هذا التركيب هو الذي يُسمّى في علم النحو


(١) "فتح الملهم" ١/ ١٢٦.
(٢) "المفهم" ١/ ١١٧.
(٣) "شرح صحيح مسلم" ١/ ٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>