للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالمعنى على الأول: لم يكن يصدُق: أي لم يكن يروي حديث صدق إلا أصحاب ابن مسعود -رضي الله عنه-. وعلى الثاني: لم يكن يُصدّق: أي لم يكن يُنسب إلى الصدق، ويُقبل حديث عليّ -رضي الله عنه- منه إلا أصحابه -رضي الله عنهم-.

وحاصل المعنى: أن الناس قد تغيّروا، وكثر فيهم الكذابون، والوضّاعون، ولا سيّما على عليّ -رضي الله عنه-، فكان طلّاب العلم لا يقبلون حديث عليّ -رضي الله عنه- إلا ممن يرونه صادقًا لهجته، مستقيمًا في دينه، وهم أصحاب ابن مسعود -رضي الله عنه-، كعلقمة، وأبي وائل، ومسروق، والأسود بن يزيد، وأخيه عبد الرحمن، وغيرهم من خيار التابعين الذين لازموا ابن مسعود -رضي الله عنه-، واقتفوا آثاره، كما أخذوا علم عليّ -رضي الله عنه- واهتدوا بهديه، فإنهم كانوا أصحاب صدق، واستقامة، وحفظ، وإتقان، فكانوا محلِّ ثقة لطلاب العلم، ورُوّاده، بخلاف من ينتسب إلى عليّ -رضي الله عنه- زورًا، ويفتعل عليه بهتانًا من أصحاب الأهواء المنحرفة، من الرافضة، والشيعة، فإنهم معروفون بالكذب عليه. والله تعالى أعلم.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: خلاصة ما أشار إليه المصنّف رَحِمَهُ اللهُ تعالى بإيراد هذه الأحاديث، والآثار في هذا الباب التحذير من قبول رواية المجهولين، وأنه يجب الاحتياط في أخذ الحديث، فلا يُقبل إلا من أهله، وأنه لا ينبغي أن يُروى عن الضعفاء. وبالله تعالى التوفيق. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.

٥ - (بَابُ بَيَانِ أَنَّ الإِسْنَادَ مِنَ الدِّينِ، وَأَنَّ الرِّوَايَةِ لَا تَكُونُ إِلَّا عَنِ الثِّقَاتِ، وَأَنَّ جَرْحَ الرُّوَاةِ بِمَا هُوَ فِيهِمْ جَائِزٌ، بَلْ وَاجِبٌ، وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْغِيبَةِ الْمُحَرِّمَةِ، بَلْ مِنَ الذَّبِّ عَنِ الشَّرِيعَةِ الْمُكَرَّمَةِ):

قال المصنف رَحِمَهُ اللهُ تعالى بالسند المتصل إليه أول الكتاب:

٢٦ - (حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، وَهِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، وَحَدَّثَنَا فُضَيْلٌ، عَنْ هِشَامٍ قَالَ: وَحَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ، فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ).

رجال هذا الإسناد: سبعة:

١ - (حسن بن الربيع) بن سليمان البجليّ القسريّ، أبو عليّ الكوفيّ الْبُورانيّ -بضمّ الموحّدة- الحصّار، ويقال: الخشّاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>