للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسكون الراء، آخره واو- غير منصرف للعلمية والعجمة، وهي مدينة عظيمة بخراسان، وأمهات مدائن خراسان أربع: نيسابور، ومرو، وبَلْخ، وهَرَاة (١). (قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَانَ) -بفتح العين المهملة، وسكون الموحّدة- لقب عبد الله (بْنَ عُثْمَانَ) بن جَبَلة، لُقِّب به؛ لأنه تكرّر في اسمه وكنيته لفظ "عبد"، فاسمه عبد الله، وكنيته أبو عبد الرَّحمن (يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ الْمُبَارَكِ، يَقُولُ: الْإِسْنَادُ) -بكسر الهمزة-: هو طريق المتن، وقد تقدّم تحقيق معناه، وهل هو والسند واحد، أم بينهما فرقٌ عند قول المصنّف رَحِمَهُ اللهُ تعالى: "بالأسانيد التي بها نُقلت إلخ"، فراجعه تستفد (مِنَ الدِّينِ) قال القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: أي من أصوله؛ لأنه لَمّا كان مرجع الدين إلى الكتاب والسنّة، والسنّة لا تؤخذ عن كلّ أحد، تعيّن النظر في حال النَّقَلَة، واتّصال روايتهم، ولولا ذلك لاختلط الصادق بالكاذب، والحقّ بالباطل. ولَمّا وجب الفرق بينهما وجب النظر في الأسانيد. وهذا الذي قاله ابن المبارك قد قاله أنس بن مالك، وأبو هريرة، ونافع، مولى ابن عمر، وغيرهم، وهو أمر واضحُ الوجوب، لا يُختَلَف فيه. انتهى (٢).

(وَلَوْلَا الْإِسْنَادُ) أي لولا المطالبة بالإسناد ممن حدّث بأيّ حديث (لَقَالَ مَنْ شَاءَ مَا شَاءَ) أي لحدّث من أراد أن يُحدّث الناس بما شاء من الأحاديث الباطلة؛ لعلمه بعدم مطالبته بذكر الإسناد.

والمعنى: أنه لَمّا جعل أهل العلم الإسناد للحديث، وطالبوا كلّ من حدّثهم بذكر إسناده قلّ تحديث الناس بالأحاديث الضعيفة والمنكرة، خوفًا من أن يُطالبوا بالإسناد، فيفتضحوا. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

قال المصنف رَحِمَهُ اللهُ تعالى بالسند المتصل إليه في أول الكتاب:

٣٣ - (وقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ أَبِي رِزْمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ، يَقُولُ: "بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْقَوَائِمُ" -يَعْنى الْإِسْنَادَ-).

رجال هذا الإسناد: ثلاثة:

١ - (مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ) بن قُهزاذ المذكور في السند الماضي.

٢ - (الْعَبَّاسُ بْنُ أَبِي رِزْمَةَ) -براء مكسورة، ثم زاي ساكنة، ثم ميم، ثم هاء- هكذا وقع، والصواب عبد العزيز بن أبي رِزمة.

قال النوويّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في "شرحه" -بعد أن ذكر الضبط المذكور: ما نصّه: ثم إنه


(١) "شرح النووي" ١/ ٨٧.
(٢) "المفهم" ١/ ١٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>