للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسناد، فخاصيّة المحدثين ذكر الحديث بسنده الصحيح، وسمة أهل الأهواء حشد الروايات بلا إسناد، أو افتعال إسناد يفنّده أولو المعرفة والرشاد.

ثم فسّر "القوائم" بقوله: (يَعْنِي الْإِسْنَادَ) وهذا التفسير يحتمل أن يكون من مسلم، أو ممن فوقه. شبّه ابن المبارك رَحِمَهُ اللهُ تعالى الحديث بالحيوان، فكما لا يقوم الحيوان إلا بالقوائم، فكذلك لا يقوم الحديث إلا بالإسناد. وغرضه بهذا التشبيه أنه إن جاء المحدث بإسناد صحيح قَبِلنا حديثه، وإلا تركناه. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

قال المصنف رَحِمَهُ اللهُ تعالى بالسند المتصل إليه في أول الكتاب:

٣٤ - (وقَالَ مُحَمَّدُ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ عِيسَى الطَّالَقَانِيَّ، قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، الْحَدِيثُ الَّذِي جَاءَ: "إِنَّ مِنَ الْبِرِّ بَعْدَ الْبِرِّ، أَنْ تُصَلِّيَ لِأَبَوَيْكَ مَعَ صَلَاتِكَ، وَتَصُومَ لَهُمَا مَعَ صَوْمِكَ"، قَالَ: فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ، عَمَّنْ هَذَا؟ قَالَ: قُلْتُ لَهُ: هَذَا مِنْ حَدِيثِ شِهَابِ بْنِ خِرَاشٍ، فَقَالَ: ثِقَةٌ، عَمَّنْ؟ قَالَ: قُلْتُ: عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: ثِقَةٌ، عَمَّنْ؟ قَالَ: قُلْتُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ: إِنَّ بَيْنَ الْحَجَّاجِ بْنِ دِينَارٍ، وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَفَاوِزَ تَنْقَطِعُ فِيهَا أَعْنَاقُ الْمَطِيِّ، وَلَكِنْ لَيْسَ فِي الصَّدَقَةِ اخْتِلَافٌ).

رجال هذا الإسناد: ثلاثة:

١ - (محمد) بن قُهْزَاذ المذكور في السند الماضي.

٢ - (أبو إسحاق إبراهيم بن عيسى الطّالَقَانيّ) هو: إبراهيم بن إسحاق بن عيسى الْبُنَاني -بضم الموحّدة، ثم نون- مولاهم، أبو إسحاق الطالَقَاني، نزيل مرو، نُسِبَ هنا إلى جده.

رَوَى عن ابن المبارك، ومالك، والدراورديّ، والوليد بن مسلم، ومعتمر بن سليمان، وابن عيينة، وغيرهم. وروى عنه أحمد بن محمد بن حنبل، ويحيي، وأبو موسي، والحسين بن محمد البلخي، والحسين بن منصور، وإسماعيل سمويه، وعباس الدُّوري، ومحمد بن عبد الله بن قهزاذ، وعدة.

قال ابن معين: ثقة. وفي موضع آخر: ليس به بأس. وقال يعقوب بن شيبة: ثقة ثبت، يقول بالإرجاء. وقال أبو حاتم: صدوق. قال غنجار في "تاريخه": توفي بمرو سنة (٢١٥). وقال ابن حبان في "الثقات": يُخطئ، ويخالف، مات سنة (١٤). وقال الإدريسي: كان على مظالم سمرقند. وقال إبراهيم بن عبد الرَّحمن الدارمي: روى عن ابن المبارك أحاديث غرائب.

<<  <  ج: ص:  >  >>