للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شعبة، فلم يذكره ابن عون. وقال معاذ بن معاذ: سألت ابن عون عن حديث هلال بن أبي زينب، عن شهر، عن أبي هريرة: "لا يَجِفُّ دم الشهيد، حتى تبتدره زوجتاه من الحور العين". فقال: ما تصنع بشهر؟ إن شعبة نَزَكَ شهرًا. وقال النضر عن ابن عون: إن شهرًا نَزَكُوه، قال النضر: نزكوه: أي طعنوا فيه. وقال شبابة عن شعبة: ولقد لَقِيتُ شهرًا، فلم أعتد به. وقال عمرو بن علي: ما كان يحيى يحدث عنه، وكان عبد الرَّحمن يحدث عنه. وقال يحيى بن أبي بكرٍ الكرماني، عن أبيه: كان شهر بن حوشب على بيت المال، فأخذ خريطة فيها دراهم، فقال القائل [من الطويل]:

لَقَدْ بَاعَ شَهْرٌ دِينَهُ بِخَرِيطَةٍ ... فَمَنْ يَأْمَنُ الْقُرَّاءَ بَعْدَكَ يَا شَهْرُ

أَخَذْتَ بِهَا شَيْئًا طَفِيفًا وَبِعْتَهُ ... مِنِ ابْنِ جَرِيرٍ إِنَ هَذَا هُوَ الْغَدْرُ

وقد أجاب عن هذا الذهبيّ، فقال: إسنادها منقطعٌ، ولعلّها وقعت، وتاب منها، أو أخذها متأَوَّلًا أن له في بيت مال المسلمين حقًّا، نسأل الله الصفح. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: الجواب الأول هو الصواب، وأما الثاني فلا فائدة فيه؛ لأن الحكاية منقطعة ضعيفة، فلا حاجة إلى تأويلها.

ثم إن الذهبيّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى ذكر بعد هذا: ما نصّه: فأما رواية يحيى القطّان، عن عباد بن منصور، قال: حججتُ مع شهر بن حَوْشب، فسرق عَيْبَتي. فما أدري ما أقول. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: الجواب عنه سهل، وذلك أنه على تقدير صحة الحكاية، نقول: إن هذه السرقة لم تثبُت ببيّنة شرعيّة، حتى يثبت جرح المدّعى عليه، بل إن المدَّعي لما فقد عيبته ظنّ ذلك، وادّعى، ومثل هذا كثير، فلا تبطل عدالة شهر، ولا إمامته بمجرّد هذه الدعوى، وهذا مما لا يخفى لمن تأمَّل. والله تعالى أعلم.

وقال إبراهيم بن يعقوب الْجُوزجاني: أحاديثه لا تشبه حديث الناس. قال: ثنا عمرو بن خارجة: كنت آخذا بزمام ناقة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وعن أسماء بنت يزيد قالت: كنت آخذة بزمام ناقة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كأنه مولع بزمام ناقة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وحديثه دالّ عليه، فلا ينبغي أن يُغتَرّ به وبروايته. وقال موسى بن هارون: ضعيف. وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال يعقوب بن شيبة: قيل لابن المديني: ترضى حديث شهر؟ فقال: أنا أُحَدِّث عنه. وكان عبد الرَّحمن يحدث عنه، وأنا لا أدع حديث الرجل إلا أن يجتمع عليه يحيى وعبد الرَّحمن على تركه. وقال حرب بن إسماعيل عن أحمد: ما أحسن


(١) "سير أعلام النبلاء" ٤/ ٣٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>