للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثّقه كثيرون من كبار أئمة السلف، أو أكثرهم، فممن وثقه أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وآخرون، وقال أحمد بن حنبل: ما أحسن حديثه، ووثقه. وقال أحمد بن عبد الله العجلى: هو تابعيّ ثقة. وقال ابن أبي خيثمة، عن يحيى بن معين: هو ثقة، ولم يذكر ابن أبي خيثمة غير هذا. وقال أبو زرعة: لا بأس به. وقال الترمذيّ: قال محمد -يعني البخاريَّ-: شهر حسن الحديث، وقَوَّى أمره، وقال: إنما تكلم فيه ابن عون. وقال يعقوب بن شيبة: شهر ثقة. وقال صالح بن محمد: شهر روى عنه الناس، من أهل الكوفة، وأهل البصرة، وأهل الشام، ولم يوقف منه على كذب، وكان رجلا يتنَسّك: أي يتعبد، إلا أنه روى أحاديث لم يشركه فيها أحد. قال النووي في "شرحه": فهذا كلام هؤلاء الأئمة في الثناء عليه. وأما ما ذُكر من جرحه أنه أخذ خريطة من بيت المال، فقد حمله العلماء المحققون على محمل صحيح. وقول أبي حاتم بن حِبّان: إنه سرق من رفيقه في الحج عيبة غير مقبول عند المحققين، بل أنكروه. والله تعالى أعلم (١).

ولقد أجاد القول في شأنه إمامان حافظان جليلان، لهما استقراء تامّ في أحوال الرجال، وباعٌ طويل في موازنة الأقوال، وهما: الحافظ أبو الحسن القطّان الفاسيّ، والحافظ الذهبيّ: فأما أبو الحسن، فقال: لم أسمع لمضعفه حجة، وما ذكروا من تزيه بزي الجند، وسماعه الغناء بالآلات، وقذفه بأخذ الخريطة، فإما لا يصح، أو هو خارج على مخرج لا يضره، وشر ما قيل فيه: إنه يروي منكرات عن ثقات، وهذا إذا كثر منه سقطت الثقة به. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: الأحاديث التي أنكرت عليه قليلة، لا تتجاوز نحو خمسة أحاديث، كما سيأتي في كلام الذهبي، فليست كثيرةً -ولله الحمد-.

وأما الحافظ الذهبيّ فقال في "ميزان الاعتدال" -لَمّا ذكر قول ابن عديّ: "هو ممن لا يُحتجّ به"، وقد سبق-: قد ذهب إلى الاحتجاج به جماعة، ثم نقل قول الإمام أحمد: ما أحسن حديثه، وذكر توثيقه له، وقوله أيضًا: ليس به بأس. وقول الفسويّ: شهرٌ، وإن تكلّم فيه ابن عون، فهو ثقة. انتهى (٣).

وقال في "سير أعلام النبلاء" -بعد أن أورد نحو خمسة أحاديث من أحاديث شهر-: فهذا ما استُنكر من حديث شهر في سعة روايته، وما ذاك بالمنكر جدًّا. قال يعقوب بن شيبة: شهر ثقة، طعن فيه بعضهم. وقال يعقوب بن سُفيان: شهرٌ، وإن تكلّم


(١) "شرح النوويّ على صحيح مسلم" ١/ ٩٣.
(٢) راجع في هذا "تهذيب التهذيب" ٢/ ١٨٣.
(٣) "ميزان الاعتدال" ٢/ ٢٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>