للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من كتاب سيبويه، وهذا الكتاب عدّة كَرَاريس، وتقول: التاجر مجده في كيسه، والعالم مجده في كراريسه. وقال ابن الأعرابيّ: كرس الرجل: إذا ازدحم علمه في قلبه، والكُرَّاسَةُ من الكتب، سُمّيت بذلك لتكرّسها. انتهى (١).

وقال النوويّ: قال أبو جعفر النحاس في كتابه "صناعة الكتاب": الكراسة معناها: الكُتُب المضموم بعضها إلى بعض، والورق الذي قد أُلصق بعضه إلى بعض، مشتق من قولهم: رَسْمٌ مُكَرَّسٌ: إذا ألصقت الريح التراب به. قال: وقال الخليل: الكراسة مأخوذة من أَكْراس الغنم، وهو أن تبول في الموضع شيئا بعد شيء، فَيَتَلَبَّدَ. وقال أقضى القضاة الماورديّ: أصل الكرسيّ: العلم، ومنه قيل للصحيفة يكون فيها علم مكتوب: كُرّاسة. انتهى (٢).

(فَإِذَا) هي "إذا" الْفُجائيّة: أي ففاجأني (فِيهَا) أي في تلك الكُرّاسة (حَدَّثَنِي أَبَان) ابن أبي عيّاش العبديّ، أبو إسماعيل البصريّ، متروك الحديث، سيأتي تمام البحث فيه حيث يذكره المصنّف، إن شاء الله تعالى.

[تنبيه]: "أبان" -بفتح الهمزة، وتخفيف الموحّدة، آخره نون- وفيه وجهان لأهل العربية: الصرف، وعدمه، فمن لم يصرفه جعله فِعْلًا ماضيا، والهمزة زائدة، فيكون أفعل، ومن صرفه جعل الهمزة أصلًا، فيكون فَعَالًا، وصرفه هو الصحيح، وهو الذي اختاره الإمام محمد بن جعفر، في كتابه "جامع اللغة"، والإمام أبو محمد بن السِّيد الْبَطْلَيُوسِيّ (٣). والله تعالى أعلم.

(عَنْ أَنَس) بن مالك الصحابيّ الشهير ((وَأَبَانُ) بن أبي عيّاش (عَنْ فُلَانٍ) كناية عن شيخ من شيوخ أبان.

وغرض خليفة بن موسى بهذا الكلام تضعيف غالب بن عبيد الله، ووجه ذلك أنه أملى عليه أحاديث، قائلًا: حدّثني مكحول عن فلان، ومكحول عن فلان، فلما قام للبول، نظر في كرّاسته، فوجد أسانيد تلك الأحاديث غير ما أملى عليه؛ لأن فيها: حدّثني أبان، عن أنس، وأبان عن فلان، فتبيّن له بذلك كذبه، ولذلك قال: (فَتَرَكْتُهُ) أي تركت سماع حديثه (وَقُمْتُ) أي من مجلسه.

وهذا الذي قاله خليفة بن موسى في غالب قاله غيره من الأئمة، فقد تركه وكيع،


(١) "تاج العروس" ٤/ ٢٣٢.
(٢) "شرح مسلم" ١/ ٩٥.
(٣) "شرح النوويّ" ١/ ٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>