للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكذب في الحديث، إنما كان كذبه في رأيه. وقال الذهبي في "الميزان": والنسائي مع تعنته في الرجال، قد احتج به، والجمهور على توهينه، مع روايتهم لحديثه في الأبواب، وهذا الشعبي يُكَذّبه، ثم يروي عنه، والظاهر أنه يكذّب حكاياته، لا في الحديث (١). قال الحافظ: لم يحتج به النسائي، وإنما أخرج له في "السنن" حديثًا واحدًا، مقرونا بابن ميسرة، وآخر في "اليوم والليلة" متابعةً، هذا جميع ما له عنده. أخرج له الأربعة.

وقال في "التقريب": كذّبه الشعبيّ في رأيه، ورُمي بالرفض، وفي حديثه ضعف، وهو من الثانية. انتهى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: فتبيّن بهذا أن تكذيب الحارث في رأيه، لا في روايته، وروايته فيها أيضًا ضعف، فتبصّر بالإنصاف، ولا تتهور بالاعتساف. والله تعالى أعلم.

(وَكَانَ كَذَّابًا) قد عرفت آنفًا أن تكذيبه يعود إلى رأيه، وأما روايته، فهي وإن كان فيها ضعف، إلا أنه لم يُكَذّبه فيها، فتنبّه. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

قال المصنف رحمه الله تعالى بالسند المتصل إليه أول الكتاب:

٥٠ - (حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، عَبْدُ اللهِ بْنُ بَرَّادٍ الْأَشْعَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ مُفَضَّلٍ، عَنْ مُغِيرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنِي الْحَارِثُ الْأَعْوَرُ، وَهُوَ يَشْهَدُ أَنَّهُ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ).

رجال هذا الإسناد: خمسة:

١ - (أَبُو عَامِرٍ، عَبْدُ الله بْنُ بَرَّادٍ (٢) الْأَشْعَرِيُّ) هو: عبد الله بن براد بن يوسف بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، الكوفي، وهو عم عبد الله بن عامر بن براد، روى عن أبي أسامة، وعبد الله بن إدريس، ومحمد بن فضيل، وغيرهم. وروى عنه البخاري تعليقا في موضع واحد، ومسلم، وأبو زرعة، وموسى بن هارون، وعبدان الأهوازي، وغيرهم. قال عبد الله بن أحمد عن أبيه: ليس به بأس، كان معنا بالكوفة. وذكره ابن


(١) وعبارة "الميزان" ج ١ ص ١٧٢: "والظاهر أنه كان يكذب في لهجته وحكاياته، وأما في الحديث النبويّ فلا، وكان من أوعية العلم". انتهى.
(٢) بفتح الباء الموحّدة، وتشديد الراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>