للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عرف من شناعة مذهبه في غلوّ التشيّع، ودعواهم من الوصيّة إلى عليّ، وسرّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- من الوحي، وعلم الغيب ما لم يطلع عليه غيره بزعمهم، ودعوى بعضهم من غلاتهم الوحي إلى عليّ سِيءَ الظنّ بالحارث في كلامه هذا، وذُهب به ذلك المذهب، وقد أنكر عليّ ما ادّعته شيعته من ذلك. وقال ابن عبّاس رضي الله عنهما: لا وحي إلا القرآن. ولعله فَهِمَ من الحارث معنًى منكرًا فيما أراده. انتهى كلام القاضي (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي ذكره القاضي رحمه الله تعالى في توجيه كلام الحارث هو الصواب؛ لأنه هو الذي يؤيّده الأثران المذكوران بعده (٢).

وأما ما كتبه صاحب "الحلّ المفهم" من حمل كلامه على أنه أراد بالوحي السنة، ثم طوّل في تقرير ذلك، فمما لا يُلتفت إليه، فراجعه، وما كتب في هامشه ص ١٦ ترى تقريرًا تمجّه الأسماع، وترفضه الأفهام. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

قال المصنف رحمه الله تعالى بالسند المتصل إليه أول الكتاب:

٥٢ - (وحَدَّثَنِي حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ -يَعْنِي ابْنَ يُونُسَ- حَدَّثنَا زَائِدَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّ الْحَارِثَ قَالَ: تَعَلَّمْتُ الْقُرْآنَ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَالْوَحْيَ فِي سَنَتَيْنِ، أوْ قَالَ: الْوَحْيَ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَالْقُرْآنَ فِي سَنَتَيْنِ).

رجال هذا الإسناد: خمسة:

١ - (حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ) هو حجاج بن أبي يعقوب يوسف بن حجاج الثقفيّ، أبو محمد البغداديّ الثقة الحافظ، تقدّم في ٤/ ٣٨.

٢ - (أَحْمَدُ- يَعْنِي ابْنَ يُونُسَ) هو: أحمد بن عبد الله بن يونس بن عبد الله بن قيس التميمي اليربوعي الكوفي، وقد نسب إلى جده، كما هنا.

رَوَى عن الثوري، وابن عيينة، وزائدة، وغيرهم. وروى عنه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والباقون بواسطة، وأبو بكر بن أبي شيبة، وحجاج بن الشاعر، وغيرهم.

قال أحمد بن حنبل لرجل: اخرُج إلى أحمد بن يونس، فإنه شيخ الإسلام. وقال أبو حاتم: كان ثقةً متقنًا آخر من روى عن الثوري (٣). وقال النسائي: ثقة.

وقال عثمان بن أبي شيبة: كان ثقة، وليس بحجة. وقال ابن سعد: كان ثقة،


(١) "إكمال المعلم" ١/ ١٣٨ - ١٣٩.
(٢) وهما: قول إبراهيم: "إن الحارث اتُّهم"، وقصّة مرّة الهمدانيّ.
(٣) تعقّبه الذهبيّ بأن آخر من روى عن الثوريّ هو عليّ بن الجعد، وتأخّر بعده.

<<  <  ج: ص:  >  >>