للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجمع القلّة غِلْمةٌ بالكسر، وجمع الكثرة: غِلْمانٌ، ويُطلق الغلام على الرجل مجازًا باسم ما كان عليه، كما يقال للصغير: شيخٌ، مجازًا، باسم ما يؤول إليه. وجاء في الشعر "غُلامةٌ" بالهاء للجارية، قال أوس ابن غَلْفاء الْهُجَيميّ، يصف فرسًا [من الوافر]:

وَمُرْكِضَةٌ صَرِيحِيٌّ أَبُوهَا ... يُهَانُ لَهَا الْغُلَامَةُ وَالْغُلَامُ

قال الأزهريّ: وسمعتُ العرب تقول للمولود حين يُولَد ذكرًا: غلام، وسمعتهم يقولون للكهل غلام، وهو فاش في كلامهم. انتهى (١).

وقد نظمت الأسماء التي تُطلق على الإنسان من حين كونه في بطن أمه إلى أن يموت، فقلت:

اعْلَمْ هَدَاكَ الله أَنَّ الْوَلَدَا ... دَعَوْهُ بِالْجَنِينِ حَتَّى يُولَدَا

ثُمَّ صَبِيًّا لِلْفِطَامِ يُدْعَى ... ثُمَّ إِلَى سَبْعٍ غُلَامًا يُرْعَى

وَيَافِعٌ لِعَشْرَةٍ حَزَوَّرُ ... لِخَمْسَ عَشْرَةَ أَتَاكَ الْخَبَرُ

وَقُمُدٌ لِلْخَمْسِ وَالْعِشْرِينَ ثُمّ ... عَنَطْنَطٌ إِلَى ثَلَاثِينَ يُؤَمّ

ثُمَّ لأَرْبَعِينَ قُلْ مُمِلُّ ... ثُمَّ إِلَى خَمْسِينَ قَالُوا كَهْلُ

إِلَى ثَمَانِينَ بِشَيْخٍ يُعْلَى ... ثُمَّ إِذَا زَادَ بِهِمٍّ يُجْلَى

وَهَكَذَا أَوْرَدَهُ الأَعْلَامُ ... فَاحْفَظْ فَكُلُّ حَافِظٍ إِمَامُ

ولما كان الغلام يطلق على الصبيّ من حين يولد على اختلاف حالاته إلى أن يبلغ، قيّده بقوله: (أَيْفَاعٌ) إشارة إلى أن المراد بالْغِلْمَة هنا هم البالغون، أو المقاربون للبلوغ؛ لأن "الأيفاع" -بفتح الهمزة: هم الشَبَبَةٌ البالغون، أو المقاربون للبلوغ، يقال: غلام يافِعٌ، ويَفَعٌ، ويَفَعَةٌ -بفتحات-: إذا شَبَّ وبَلَغَ، أو كاد يبلُغُ. قال الثعالبيّ: إذا قارب البلوغ، أو بلغه يقال له حينئذ: يافِعٌ، وقد أيفع، وهو نادر. وقال أبو عُبيد: أيفع الغلام: إذا شارف الاحتلام، ولم يَحتلِم. (٢).

وقال ابن الأثير: أَيفَعَ الغلامُ، فهو يافع: إذا شارف الاحتلام، ولَمّا يحتلم، وهو من نوادر الأبنية، وغلام يافعٌ، ويَفَعَة -بفتحات- فمن قال: يافِع ثَنَّى وجمع، ومن قال: يَفَعَةٌ لم يُثنِّ، ولم يَجمع. انتهى (٣).

وقال ابن منظور: غلام يافِعٌ، ويَفَعَةٌ، وأَفَعَةٌ، ويَفَعٌ: شابّ، وكذلك الجمع والمؤنّث، ورُبّما كُسّر على الأَيْفَاع، فقيل: غِلْمان أَيْفَاع، ويَفَعَةٌ أيضًا. وقال أبو زيد:


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٤٥٢.
(٢) "إكمال المعلم" ١/ ١٣٩ - ١٤٠.
(٣) "النهاية" ٥/ ٢٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>