للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحذاء: كان عبد الكريم إذا سافر يقول أبو العالية: اللهم لا ترد علينا صاحب الأكسية. وعَدّه أبو داود من خير أهل البصرة. وقال النسائي، والدارقطني: متروك. وقال السعدي: كان غير ثقة. وكذا قال النسائي في موضع آخر. وقال ابن حبان: كان كثير الوهم، فاحش الخطأ، فلما كثر ذلك منه بطل الاحتجاج به. وقال أبو داود، والخليلي، وغير واحد: ما روى مالك عن أضعف منه. وقال الحاكم، أبو أحمد: ليس بالقوي عندهم. وقال الجزري: غيره أوثق منه. وذكره ابن الْبَرْقي في طبقة من نُسِب إلى الضعف. وقال أبو زرعة: لين. وقال ابن عبد البر: مجمع على ضعفه. ومن أجلّ من جرحه أبو العالية، وأيوب مع ورعه، غَرّ مالكا سَمْتُهُ، ولم يكن من أهل بلده، ولم يخرج عنه حكما، إنما ذكر عنه ترغيبًا. روى له البخاري تعليقًا، ومسلم حديثًا واحدًا، وأبو داود في "المسائل"، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه. وقال الحافظ أبو محمد المنذري: لم يخرج له مسلم شيئا أصلًا، لا متابعة، ولا غيره، وإنما أخرج لعبد الكريم الجزري. مات سنة (١٢٧) كما جزم به البخاري في "تاريخه الكبير". وفي تاريخ ابن أبي خيثمة ما يقتضي أنه مات سنة ست وعشرين ومائة، وكذلك صرح به في موضع آخر من "تاريخه". فالله أعلم. وقال في "التقريب": ضعيفٌ، له في البخاريّ زيادة في أول قيام الليل من طريق سفيان، عن سليمان الأحول، عن طاوس، عن ابن عبّاس في الذكر عند القيام، قال سفيان: زاد عبد الكريم، فذكر شيئًا، وهذا موصول، وعلّم له المزّيّ علامة التعليق، وليس هو معلّقًا، وله ذكر في مقدمة مسلم، وما روى له النسائيّ إلا قليلًا، من السادسة. انتهى.

(فَإِنَّه) أي أيوب (ذَكَرَهُ) أي ذكر عبد الكريم (فَقَالَ رَحِمَه اللهُ) الظاهر أن هذه الجملة الدعائيّة من قوِل معمر، دعاء لشيخه أيوب، وأما كونها من أيوب دعاء لعبد الكريم، ففيه بُعْدٌ (كَانَ غَيْرَ ثِقَةٍ) ثم استدلّ على عدم كونه ثقة بقوله: (لَقَدْ سَأَلَنِي عَنْ حَدِيثٍ) قال صاحب "التنبيه": لا أعرف هذا الحديث (لِعِكْرِمَةَ) الظاهر أنه مولى ابن عبّاس رضي الله عنهما (ثُمَّ قَالَ) أي عبد الكريم (سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ) أي ادّعى أنه سمع ذلك الحديث الذي أخبره أيوب عن عكرمة.

قال النوويّ رحمهُ اللهُ تعالى: هذا القطع بكذبه، وكونه غير ثقة بمثل هذه القضية، قد يُستَشكل من حيث إنه يجوز أن يكون سمعه من عكرمة، ثم نسيه، فسأل عنه، ثم ذكره، فرواه، ولكن عُرِف كذبه بقرائن. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: حاصل ما أشار إليه النوويّ أن ما ذكره أيوب


(١) "شرح مسلم" ١/ ١٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>