للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن حاله حال من لا يتصدّى لطلب العلم في كلّ زمن، في الطاعون أو قبله. (لَا يَعْرِضُ) بفتح أوله، وكسر الراء، من باب ضرب (فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا) أي من الحديث. والمراد أنه لا يعتني بطلب شيء من علم الحديث (وَلَا يَتَكَلَّمُ فِيهِ) أي في علم الحديث، والمراد أنه لا يعتني بسؤال العلماء. (فَوَاللهِ مَا حَدَّثَنَا الْحَسَنُ) بن أبي الحسن يسار البصريّ الإمام الحجة المشهور، تقدّمت ترجمته (عَنْ بَدْرِيٍّ) أي عن صحابيّ حضر غزوة بدر (مُشَافَهَةً) أي بلا واسطة، قال الجوهريّ: المشافهة: المخاطبة من فيك إلى فيه. انتهى (١). وقال المجد: شافهه: أدنى شفته من شفته (٢).

[فائدة]: قال الفيّوميّ رحمهُ اللهُ تعالى: "الشّفَة": مخفّف، ولامها محذوفة، والهاء عوضٌ عنها، وللعرب فيها لغاتٌ، منهم من يجعلها هاءً، ويَبني عليها تصاريف الكلمة، ويقول: الأصل شَفَهَةٌ، وتُجمع على شِفَاه، مثل كَلْبة وكلاب، وعلى شَفَهَات، مثلُ سَجْدة وسَجَدَات: وتُصغّر على شُفَيهة، وكلّمته مشافهة، والحروف الشفهيّة. ومنهم من يجعلها واوًا، ويبني عليها تصاريف الكلمة، ويقول: الأصل شَفَوَةٌ، وتُجمع على شَفَوَات، مثلُ شَهْوة وشَهَوَات، وتُصغّر على شُفيّة، وكلّمته مُشَافَاةً، والحروف الشّفَويّة. ونَقَل ابن فارس القولين عن الخليل. وقال الأزهريّ أيضًا: قال الليث: تُجمع الشفة على شَفَهات، وشَفَوَات، والهاء أقيس، والواو أعمّ؛ لأنهم شبّهوها بسنوات، ونُقصانها حذف هائها. قال: ولا تكون الشفة إلا من الإنسان، ويقال في الْفَرْق: الشفة من الإنسان، والْمِشْفر من ذي الْخُفّ، والْجَحْفَلَةُ من ذي الحافر، والْمِقَمّةُ من ذي الظلف، والْخَطْمُ، والْخُرْطُومُ من السباع، والْمَنْسَرُ -بفتح الميم، وكسرها، والسين مفتوحة فيهما- من ذي الجناح الصائد، والْمِنْقَار من غير الصائد، والْفِنْطِيسَةُ من الْخِنْزير. انتهى (٣).

ونظصت الفروق المذكورة، فقلت:

فَائِدَةٌ نَفِيسَةٌ أَنِيقَهْ ... بِحِفْظِهَا وَفَهْمِهَا خَلِيقَهْ

فَشَفَةٌ لِلنَّاسِ قُلْ وَالْمِشْفَرُ ... غَدَا لِذِي الْخُفِّ فَخُذْهُ تُشْكَرُ

وَقُلْ لِذِي الْحَافِرِ جَاءَ جَحْفَلَهْ ... مِقَمَّةٌ ذَوَاتَ ظِلْفٍ شَمَلَهْ (٤)

وَالْخَطْمُ وَالْخُرْطُومُ لِلسِّبَاعِ ... وَمَنْسَرٌ لِذِي الْجَنَاحِ السَّاعِي

للاصْطِيَادِ وَالَّذِي لا صَيْدَ لَهْ ... أَتَى لَهُ الْمِنْقَارُ عِنْدَ النَّقَلَهْ

قَالُوا وَلِلْخِنْزِيرِ جَا فِنْطِيسَةُ ... فَاحْفَظْ لَهَا فَإِنَّهَا نَفِيسَةُ


(١) "الصحاح" ٥/ ١٧٩٠.
(٢) "القاموس" ص ١١٢٤.
(٣) "المصباح المنير" ١/ ٣١٨ - ٣١٩.
(٤) ذكرّ الضمير للضرورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>