للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"المطالع": وحُكي فيها الضمّ. (فِي حَائِطٍ لِيَدْخُلَ عَلَيْهِ الرَّوْحُ) بفتح، فسكون: أي النسيم.

قال النوويّ رحمه اللهُ تعالى: المراد بهذا المذكور بيانُ تصحيف عبد القدوس، وغباوته، واختلال ضبطه، وحصول الوهم في إسناده ومتنه، فأما الإسناد، فإنه قال: سُوَيد بن عقلة -بالعين المهملة، والقاف- وهو تصحيف ظاهر، وخطأ بَيِّنٌ، وإنما هو غَفَلة - بالغين المعجمة، والفاء المفتوحتين-. وأما المتن فقال: الرَّوْح -بفتح الراء- وعَرْضا -بالعين المهملة، وإسكان الراء- وهو تصحيف قبيح، وخطأ صريح، وصوابه "الرُّوح" -بضم الراء- و"غَرَضًا" -بالغين المعجمة، والراء المفتوحتين- ومعناه: نَهَى أن نَتَّخِذ الحيوان الذي فيه الروح غرضًا: أي هَدَفًا للرمي، فيرمى إليه بالنشاب وشبهه (١). والله تعالى أعلم.

[تنبيه]: حديث النهي عن اتخاذ الرُّوح غَرَضًا أخرجه مسلم رحمه اللهُ تعالى في "كتاب الصيد والذبائح" من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تتخذوا شيئا فيه الرُّوح غَرَضًا". وأخرج أيضًا من حديث أنس -رضي الله عنه- قال: "نهى رسول -صلى الله عليه وسلم- أن تُصْبَرَ البهائم". ومن حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، قال: "إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لَعَنَ مَنِ اتخذ شيئا فيه الرُّوح غرضًا.

ومعنى: "لا تتّخذوا شيئًا فيه الروح غرضًا": أي لا تتّخذوا الحيوان الحيَّ غَرَضًا ترمون إليه كالغرض من الجلود وغيرها. ومعنى: أن تُصْبَرَ البهائم: أي أن تُحبس، وهي حيّةٌ، لتُقتَلَ بالرمي ونحوه.

وحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما يدلّ على أن هذا النهي للتحريم، حيث قال: "لَعَنَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- من اتّخذ الخ"، ؛ لأن اللعن لا يكون إلا على فعل محرّم، ولأنه تعذيب للحيوان، وإتلافٌ لنفسه، وتضييع لماليّته، وتفويتٌ لذكاته، إن كان مُذَكّى، ولمنفعته إن لم يكن مما يُذكّى (٢).

وقال القاضي عياضٌ رحمه اللهُ تعالى: ولم يختلف العلماء في منع أكل المصبورة، وأنها غير ذكيّة. وفائدة الحديث النهي عن قتل الحيوان لغير منفعة، والعبث بقتله. وقال الطبريّ: فيه دليلٌ على منع قتل ما أُحلّ أكله من الحيوان ما وُجد إلى تذكيته سبيل. ثم فيه فساد المال. انتهى (٣). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.


(١) "شرح مسلم" ١/ ١١٤.
(٢) "شرح مسلم" ١٣/ ١٠٨.
(٣) "إكمال المعلم" ١/ ١٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>