للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنما كان في زمن المهدي، قد أَخَذُوا أهل القدر، فجاء قوم، فجلسوا إليه، فاعتصموا به، فقال قوم: إنما جلسوا إليه؛ لأنه يرى القدر. وقال الواقدي: كان من أورع الناس، وأفضلهم، وكانوا يرمونه بالقدر، وما كان قدريا، لقد كان يَتّقي قولهم ويعيبه، ولكنه كان رجلا كريما، يَجلِس إليه كل واحد، وكان يصلي الليل أجمع، ويجتهد في العبادة، وأخبرني أخوه أنه كان يصوم يوما ويفطر يوما، وكان شديد الحال، وكان من رجال الناس صَرَامةً، وقولا بالحق، وكان يحفظ حديثه، لم يكن له كتاب. وقال يعقوب بن سفيان: قيل لأحمد: من أعلمُ، مالك أو ابن أبي ذئب؟ قال: ابن أبي ذئب أصلح في بدنه، وأورع، وأقوم بالحق من مالك عند السلاطين، وقد دخل ابن أبي ذئب على أبي جعفر، فلم يَهَبْهُ أن قال له الحقَّ، قال: الظلم فاش ببابك، وأبو جعفر أبو جعفر. قيل له: ما تقول في حديثه؟ قال: كان ثقة صدوقا رجلا صالحا ورعا. وقال المفضل الغلابي عن ابن معين: ابن أبي ذئب أثبت من ابن عجلان في سعيد المقبري. وقال عثمان الدارمي: قلت لابن معين: ابن أبي ذئب ما حاله في الزهري؟ فقال: ابن أبي ذئب ثقة. وقال جعفر بن أبي عثمان عن ابن معين: لم يسمع ابن أبي ذئب من الزهري، يعني أنه عَرْضٌ. وقال علي عن يحيى بن سعيد: كان عَسِرًا. وقال ابن سعد: قال محمد بن عمر: دخل ابن أبي ذئب على عبد الصمد بن علي، فكلمه في شيء، فقال له: إني لأحسبك مرائيا، قال: فأخذ عودا من الأرض، وقال: مَنْ أُرائي، فو الله للناسُ عندي أهون من هذا. قال: وكان ابن أبي ذئب يفتي بالمدينة، وكان عالما ثقة فقيها ورعا عابدا فاضلا، وكان يُرمَى بالقدر. وقال ابن حبان في "الثقات كان": من فقهاء أهل المدينة وعبادهم، وكان من أقول أهل زمانه للحق، وَعَظَ المهدي، فقال: أما إنك أصدق القوم، وكان مع هذا يرى القدر، وكان مالك يَهجُره من أجله.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد عرفت الجواب عن سبب رميه بالقدر في كلام مصعب الزبيريّ، والحقّ أنه بريء منه. والله تعالى أعلم.

وقال عبد الله بن أحمد: قلت لأبي: سمع ابن أبي ذئب من الزهري؟ قال: نعم، سمع منه. قلت: إنهم يقولون: لم يسمع منه، قال: قد سمع من الزهري. وقال عمرو ابن عليّ الفلاس: ابن أبي ذئب في الزهري أحب إليّ من كل شامي. وقال النسائي في "الكنى": أنا معاوية، سمعت يحيى بن معين يقول: كان يحيى بن سعيد لا يرضى حديث ابن أبي ذئب، وابن جريج عن الزهري، ولا يقبله. وقال الخليلي: ثقة أثنى عليه مالك، فقيه من أئمة أهل المدينة، حديثه مخرج في "الصحيح"، إذا روى عن الثقات، فشيوخه شيوخ مالك، لكنه قد يروي عن الضعفاء، وقد بَيَّنَ ابن أخي الزهري كيفية أخذ ابن أبي ذئب عن عمه، قال: إنه سأل عن شيء، فأجابه، فرد عليه، فتقاولا، فحلف

<<  <  ج: ص:  >  >>