(الثاني): الاستعانة على تغيير المنكر، وردّ العاصي إلى الصواب، فيقول لمن يرجو قدرته على إزالة المنكر: فلان يفعل كذا، فازجره عنه، ونحو ذلك، ويكون مقصوده التوسّل إلى إزالة المنكر، فإن لم يقصد ذلك كان حرامًا.
(الثالث): الاستفتاء بأن يقول للمفتي: ظلمني أبي، أو أخي، أو فلان بكذا، فهل له ذلك، أو لا؟ ، وما طريقي في الخلاص منه، وتحصيل حقي، ودفع الظلم عني؟ ، ونحو ذلك. وكذلك قوله: زوجتي تفعل معي كذا، أو زوجي يفعل كذا، ونحو ذلك، فهذا جائز للحاجة، ولكن الأحوط أن يقول: ما تقول في رجل كان من أمره كذا، أو في زوج، أو زوجة تفعل كذا، ونحو ذلك، فإنه يحصل به الغرض من غير تعيين، ومع ذلك فالتعيين جائز؛ لحديث هند زوج أبي سفيان رضي الله تعالى عنهما، قالت: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم إن أبا سفيان رجل شحيح ... " ولم ينهها النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك.
(الرابع): تحذير المسلمين من الشرّ، ونصيحتهم، وذلك من وجوه:
منها: جرح المجروحين من الرواة للحديث والشهود، وذلك جائز بإجماع المسلمين، بل واجب للحاجة.
ومنها: إذا استشارك إنسان في مصاهرته، أو مشاركته، أو إيداعه، أو الإيداع عنده، أو معاملته بغير ذلك وجب عليك أن تذكر له ما تعلمه منه على جهة النصيحة، فإن حصل الغرض بمجرّد قولك: لا تصلح لك معاملته، أو مصاهرته، أو لا تفعل هذا، أو نحو ذلك لم تجز الزيادة بذكر المساوي، وإن لم يحصل الغرض إلا بالتصريح بعيبه، فاذكره بصريحه.
ومنها: إذا رأيت من يشتري عبدًا معروفًا بالسرقة، أو الزنا، أو الشرب، أو غيرها، فعليك أن تبيّن ذلك للمشتري إن لم يكن عالمًا به، ولا يختصّ بذلك، بل كل من علم بالسلعة المبيعة عيبًا وجب عليه بيانه للمشتري إذا لم يعلمه.
ومنها: إذا رأيت متفقّهًا يتردّد إلى مبتدع، أو فاسق يأخذ عنه العلم، وخفت أن يتضرّر المتفقّه بذلك، فعليك نصيحته ببيان حاله، ويشترك أن يقصد النصيحة، وهذا مما يَغْلَط فيه كثير من الناس، فقد يحمل المتكلّم بذلك الحسد، أو يُلبّس الشيطان عليه ذلك، ويُخيّل إليه أنه نصيحة وشفقة، فليُتفطّن لذلك.
ومنها: أن يكون له ولاية لا يقوم بها على وجهها، إما بأن لا يكون صالحًا لها، وإما بأن يكون فاسقًا، أو مُغَفّلا، ونحو ذلك، فيجب ذكر ذلك لمن له عليه ولاية