للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لحوم الحمر الأهليّة". وحديث ابن عمر رضي الله عنهما: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن أكل لحوم الحمر الأهليّة". وفي روايات أنه -صلى الله عليه وسلم- وجد القُدُور تَغْلِي، فأمر بإراقتها، وقال: "لا تأكلوا من لحومها شيئًا وفي رواية: "نُهينا عن لحوم الحمر الأهلية"، وفي رواية أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "أهريقوها، واكسروها فقال رجل: يا رسول الله أو نهريقها ونغسلها؟ قال: "أو ذاك وفي رواية: نادى منادي النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "ألا إن الله ورسوله ينهيانكم عنها، فانها رجس من عمل الشيطان وفي رواية: "ينهيانكم عن لحوم الحمر، فإنها رجس، أو نجس"، فأُكفئت القدور بما فيها. وكل هذه الأحاديث في "صحيح مسلم"، وغيره.

وقال ابن عباس رضي الله عنهما: ليست بحرام، وعن مالك ثلاث روايات: أشهرها أنها مكروهة كراهية تنزيه شديدة، والثانية: حرام، والثالثة مباحة.

قال النوويّ: والصواب التحريم، كما قاله الجماهير؛ للأحاديث الصريحة.

وأما الحديث المذكور في "سنن أبي داود" عن غالب بن أبجر قال: أصابتنا سَنَةٌ، فلم يكن في مالي شيء أُطعم أهلي إلا شيء من حُمُر، وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حَرَّم لحوم الحمر الأهلية، فأتيت النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقلت: يا رسول الله أصابتنا السَّنَةُ، فلم يكن في مالي ما أُطعم أهلي إلا سِمَان حُمُر، وإنك حَرَّمتَ لحوم الحمر الأهلية، فقال: "أطعم أهلك من سَمِين حُمُرك، فإنما حرمتها من أجل جَوّال القرية"، يعني بالْجَوّال التي تأكل الْجَلَّة، وهي الْعَذِرة، فهذا الحديث مضطرب، مختلف الإسناد، شديد الاختلاف، ولو صَحَّ لحُمِل على الأكل منها في حال الاضطرار. انتهى كلام النوويّ (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تبيّن بما سبق أن ما ذهب إليه الجمهور من تحريم أكل لحوم الحمر الأهليّة هو الحقّ للأحاديث الصحيحة الكثيرة التي مرّ ذكر بعضها، وليس عند من أباحها دليلٌ صحيح يصلح للاعتماد عليه، وعلى تقدير صحته يُحمل على حالة الاضطرار. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

قال رحمه الله تعالى:

(وَهَذَا النَّحْوُ فِي الرِّوَايَاتِ كَثِيرٌ، يَكْثُرُ تَعْدَادُهُ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنْهَا كِفَايَةٌ لِذَوِي الْفَهْمِ).

(وَهَذَا النَّحْوُ) بالرفع على الابتداء، وخبره "كثير"، وقد ذُكر للنحو في كتب اللغة


(١) "شرح مسلم" ٩٠ - ٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>