للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متعلّق بحال مقدَّر (مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ) بيان لمن لاقينا (بِالْحَدِيثِ) متعلّق بالعلم (مِنْ صِحَاحِ الْأَسَانِيدِ) بكسر الصاد المهملة: جمع صحيح، والجارّ والمجرور متعلّق بخبر المبتدإ (وَقَوِيِّهَا) بالجر عطفًا على "صحاح" عطف توكيد (يَرَوْنَ اسْتِعْمَالَ مَا نُقِلَ بِهَا) أي العمل بالحديث الذي روي بهذه الأسانيد، ومرجع الضمير قوله: "بل هما، وما أشبههما". وعطف قوله: (وَالِاحْتِجَاجَ) من عطف الخاصّ على العامّ؛ لأن الاستعمال يعم الاحتجاج وغيره (بِمَا أَتَتْ) "ما" موصولة أي بالمرويّات التي جاءت بهذه الأسانيد. وقوله (مِنْ سُنَنٍ وَآثَارٍ) بيان لما، وعطف "آثار" على"سنن" من عطف المغاير، إن قلنا إن الآثار تخصّ الموقوفات، أو من عطف المرادف، إن قلنا تعم المرفوعات أيضًا، وقد تقدّم تمام البحث في هذا في أوائل هذا الشرح (وَهِيَ) أي هذان الإسنادان، وما أشبههما (فِي زَعْمِ) بتثليث الزاي، والفتح لغة الحجاز، والضم لغة بني أسد، والكسر لغة بعض بني قيس، وقد تقدّم أن أكثر ما يُطلق عليه الزعم فيما كان باطلًا، أو فيه ارتياب (مَنْ حَكَيْنَا) بفتح الكاف، من باب ضرب (قَوْلَهُ مِنْ قَبْلُ) بالبناء على الضم، كما سبق توجيهه غير مرّة، والمراد بمن حكى قوله هو المخترع المذكور (وَاهِيَةٌ) أي ضعيفة، قال النوويّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: لو قال: ضعيفة، بدل "واهية" لكان أحسن، فإن هذا القائل لا يدّعي أنَّها واهيةٌ شديدة الضعف، متناهية فيه، كما هو معنى "واهية"، بل يقتصر على أنها ضعيفة، لا تقوم بها الحجة. انتهى (١).

(مُهْمَلَةٌ) أي غير مستعملة، لا في باب العمل، ولا في باب الاحتجاج (حَتَّى يُصِيبَ) بضم أوله، من الإصابة، والضمير يعود لقوله: "من حكينا الخ" (سَمَاعَ الرَّاوِي) بنصب على المفعولية لما قبله (عَمَّنْ رَوَى) أي عنه، فحُذف العائد لكونه مجرورًا بما جرّ به الموصول، كما في قوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ} الآية [المؤمنون: ٣٣]، وإلى هذا أشار ابن مالك رَحِمَهُ اللهُ تعالى في "الخلاصة" حيث قال:

كَذَا الَّذِي جُرَّ بِمَا الْمَوْصُولَ جَرّ ... كَمُرَّ بِالَّذِي مَرَرْتُ فَهْوَ بَرّ

(وَلَوْ ذَهَبْنَا) أي قصدنا، يقال: ذهب مذهب فلان: إذا قصد قصده، وطريقته. قاله الفيّوميّ. و"لو" هذه شرطيّة، وفسّرها سيبويه بأنّها حرف لما كان سيقع لوقوع غيره، وفسّرها غيره بأنها حرف امتناع لوجود، وهذا هو المشهور، والأول هو الأصحّ، كما هو مقرّر في محلّه (نُعَدِّدُ) بضم أوله من التعديد، وهو الإحصاء: أي نُحصي (الْأَخْبَارَ الصِّحَاحَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ) بنصب "الأخبار" على المفعوليِّة: أي الأخبار التي


(١) "شرح مسلم" ١/ ١٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>