للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السَمَوْأل بن عَادِيَا قال: لما حَضَرَتْ الأَوْسَ بنَ حَارِثَةَ بن ثَعْلَبةَ بن عَمْرِو بنِ عَامِرٍ الوَفَاةُ، اجتمع إليه قَومُه مِنْ غَسَّان فقالوا: إنه قَدْ حَضَر مِنْ أَمْر اللهِ مَا تَرَى، وقَد كُنَّا نَأْمُرُك بالتَّزْوِيْج في شَبَابِكَ فَتَأْبَى، وهذا أخوكَ الخَزْرَج لَه خَمْسَةُ بَنِيْن، ولَيس لَك وَلَدٌ غَير مَالِك، قال: لَنْ يَهْلِك هَالِكٌ تَرَكَ مِثْلَ مَالِك، إنَّ الذِي يُخْرِجُ النَارَ مِنْ الوَثِيْمَة قَادِرٌ أَنْ يَجْعَلَ لِمَالِكٍ نَسْلًا، ورِجَالًا بُسْلًا، وكُلٌّ إلى مَوْتٍ، ثم أَقْبَل عَلى مَالِك فَقَال: أَيْ بُنَي، المَنِيَّةُ ولا الدَّنِيَّة، العَفَافُ ولا العِتَابُ، التَّجَلُّدُ ولا التَلَدُّد، القَبْرُ خَيْرٌ مِنْ الفَقْر، إنَّه مَنْ قَلَّ ذَلَّ، ومِنْ كرَمِ الكَريم الدَفْعُ عن الحَرِيْم، والدَهْرُ يَومَان، فَيومٌ لَك ويَوم عَلَيْك، فَإذا كان لك فلا تَبْطِر، وإذا كان عَليك فَاصْطَبِر، وكلاهما سَيَنْحَسِر، ليس يَفْلِتُ منهما المَلِكُ المُتوَّج، ولا اللَّئِيمُ المُعَلَّج، سَلِّم لِيَوْمِك حَيَّاك رَبُّك، ثم أنشأ يقول:

شَهدْتُ السَبَايا يَومَ آلِ مُحرِّقِ … وأَدْرَك عُمْرِي صَيْحَةَ اللهِ في الحِجْرِ

فَلم أَرَ ذَا مُلْكٍ مِنَ النَّاسِ واحِدًا … ولا سُوْقَةً إلا إلى المُلك (١) والقَبْرِ

فَقُلْ لِلَّذِي أَوْدَىَ ثَمُودًا وجُرْهُمًا … سَيُعْقِبُ لِي نَسْلًا عَلى آخِرِ الدَّهْرِ

تَقَرُّ بِهِمْ مِنْ آَلِ عَمْرِو بنِ عَامِرٍ … عُيُونٌ لَدَى الدَّاعِي إلى طَلَبِ الوِتْرِ

فَإن تَكُنِ الأَيَّامُ أَبْلَيْنَ جِدَّتِي … وشَيَّبْنَ رَأْسِي والمَشِيْبُ مَع العُمْرِ

فإنَّ لَنَا رَبًّا عَلَا فَوْقَ عَرْشِهِ … عَلِيْمًا بِمَا نَأْتِي مِنْ الخَيْر والشَرِّ

أَلَمْ يَأْتِ قَوْمِي أَنَّ لِلَّهِ دَعْوَةً … يَفُوزُ بِهَا أَهْلُ السَّعَادَةِ والبِرِّ

إذَا بُعِثَ المَبْعُوثُ مِنْ آلِ غَالِبٍ … بِمَكَّةَ فِيمَا بَيْنَ زَمْزَم والحِجْرِ

هُنَالِكَ فَابْغُوْا نَصْرَهُ بِبِلَادِكُم … بَنِي عَامِرٍ إِنَّ السَعَادَةَ في النَصْرِ


(١) كذا وفي جميع المصادر: (الموت).

<<  <  ج: ص:  >  >>