لا يَخفى على كل مُشْتَغِل بصَنعَة التحقيق: أن العمل على نسخة خَطِّية واحدة هو من الصعوبة بمكان، بحيث أنه إذا أُشكِل شيء في المخطوط، فلا سبيل يُرجع إليه لحل ذلك الإشكال، وكتاب «المؤتنف» -فيما نعلم- لا يوجد منه سوى تلك النسخة الفريدة التي وصفناها قبل ذلك، والتي تمثل النصف الأخير من الكتاب، غير أنها امتازت بأن ناسخها هو مصنفها الإمام الخطيب الذي قيل عنه وهو كذلك:«وكتابة الخطيب مليحة مفسرة، كاملة الضبط».
وأنه «حسن النقل والخط، كثير الشكل والضبط».
فلم أجد عناءًا في ذلك مطلقًا، لكن طريقة نسخ الخطيب للكتاب وكونه أشبه بالمسودة فكثرت فيه الحواشي والإحالات، -ومعلوم أن أول ما يتلف من ورق المخطوط حواشيه-، فقد صعب علي في كثير من الأحيان قراءة ما في الحواشي، لكني عاينت من توفيق الله الكثير في حل ألفاظ تلك الحواشي.
ثم إن منهجي في تحقيق هذا الكتاب يتمثل فيما يلي:
١ - بعد أن قام أخي أبو القاسم بنسخ الكتاب على ما ذكرت في أول المقدمة، طابقت المنسوخ على المخطوط، طابق معي أبو القاسم جزءا منه، ثم طابقت الباقي بمفردي مستعينًا بالله تعالى كلمة كلمة.
٢ - أثبت جميع ضبط الخطيب الذي ضبط به الكتاب وزدت عليه بنفسي ما رأيت في زيادته فائدة، فخرج الكتاب بنسبة كبيرة مضبوطًا بالشكل أجمع.
٣ - وحيث أن الكتاب لا نُسخ له غير هذه، فإني قمت بمطابقة كل