للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

كونه خبرًا و (لا جاء الذي قبل ولا من قبل) على كونه صلة ونحو ذلك.

واقتصر البيضاوي في سورة يوسف: على الخبر والصلة.

وقد أجاز ابن عطية والزمخشري: أن يكون خبرًا في قوله تعالى: {وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ} [يوسف: ٨٠]، (فما): مصدرية مبتدأ، والخبر: مقدم؛ أي: و (تفريطكم في يوسف من قبل).

قال أبو حيان في "النهر": وذهلًا عن قاعدة عربية، وحق لهما أن يذهلا (١).


(١) قال في "البحر المحيط" ٦/ ٣١١ - ٣١٢: {وَمِنْ قَبْلُ}: متعلق بـ {مَا فَرَّطْتُمْ}، وَقَد جَوَّزوا فِي إِعرَابِهِ وجوهًا:
أَحَدهَا: أَن تَكونَ (مَا) مَصدَرِيَّةً أَي: وَمِن قَبل تَفرِيطكم.
قَالَ الزَّمَخشَرِيّ: عَلَى أَنَّ مَحَلَّ المَصدَرِ الرَّفع عَلَى الِابتِدَاءِ، وَخَبَره الظَّرف، وَهوَ (وَمِن قَبل) وَمَعنَاه: وَوَقَعَ مِن قَبل تَفرِيطكم فِي يوسفَ.
وَقَالَ ابن عَطِيَّةَ: وَلَا يَجوز أَن يَكونَ قَوله: (مِن قبل)، متعلقًا بـ (ما فَرَّطتم)، وَإِنَّمَا تَكون عَلَى هَذَا مَصدَرِيَّةً، التَّقدِير: مِن قَبل تَفرِيطكم فِي يوسفَ وَاقِعٌ وَمستَقِرٌّ.
وَبِهَذَا القَدرِ يَتَعَلَّق قَوله مِن قَبل انتَهَى.
وَهَذَا وَقَول الزَّمَخشَرِيِّ رَاجِعٌ إِلَى مَعنَى وَاحِدٍ، وَهوَ: أنَّ (مَا فَرَّطتم): يقَدَّر بِمَصدَرٍ مَرفوعٍ بالِابتِدَاءِ، و (من قَبل): فِي مَوضِع الَخَبَرِ، وَذَهلًا عَن قَاعِدَةٍ عَرَبِيَّةٍ، وَحَقَّ لَهمَا أَن يَذهَلَا، وَهَوَ أَنَّ هَذِهِ الظّروفَ الَّتِي هِيَ غَايَاتٌ إِذَا ثَبَتَت .. لَا تَقَع أَخبَارًا لِلمبتَدَأِ، جرَّت أَو لَم تجرَّ، تَقول: (يَوم السَّبتِ مبَارَكٌ وَالسَّفَر بَعدَه)، وَلَا يجوز: (والسفر بعد).
وَعَلَى مَا ذَكَرَاه .. يكون (تفريطكم): مبتدأ، و (من قَبل) خَبَرٌ، وَهوَ مَبنِيٌّ، وَذَلِكَ لَا يَجوز، وَهَذَا مقَرَّرٌ فِي عِلمِ العَرَبِيَّةِ.
وَلِهَذَا ذَهَبَ أبو عَلِيٍّ إِلَى أَنَّ المَصدَرَ مَرفوعٌ بالابتداء، وفي يوسفَ هوَ الخَبَر أَي: كَائِنٌ أَو مستَقِرٌّ فِي يوسفَ. وَالظَّاهِر أَنَّ فِي يوسفَ مَعمولٌ لِقَولِهِ: فَرَّطتم، لَا أَنَّه فِي مَوضِعِ خَبَرٍ.
وَأَجَازَ الزَّمَخشَرِيّ وَابن عَطِيَّةَ: أَن تَكونَ مَا مَصدَرِيَّةً، وَالَمَصدَر المَسبوك فِي مَوضِعِ نَصبٍ، وَالتَّقدِير: أَلَم تَعلَموا أَخذَ أَبِيكم عَلَيكم مَوثِقًا مِن قَبل وَتَفرِيطكم فِي يوسفَ.
وَقَدَّرَه الزَّمَخشَرِيّ: وَتَفرِيطكم مِن قَبل فِي يوسفَ. وَهَذَا الَّذِي ذَهَبَا إِلَيهِ .. لَيسَ بجَيِّدٍ، لِأَنَّ فِيهِ الفَصلَ بِالجَارِّ وَالمَجرورِ بَينَ حَرفِ العَطفِ الَّذِي هوَ عَلَى حَرفٍ وَاحِدٍ، وَبَينَ المَعطوفِ، فَصَارَ نَظِيرَ: (ضَرَبت زَيدًا وَبِسَيفٍ عَمرًا).
وَقَد زَعَمَ أَبو عَلِيٍّ الفَارِسِيّ: أَنَّه لَا يَجوز ذَلِكَ إِلَّا فِي ضَرورَةِ الشِّعرِ.
وَأَمَّا تَقدِير الزَّمَخشَرِيِّ: (وَتَفرِيطكم مِن قَبل فِي يوسفَ) .. فَلَا يَجوز؛ لِأَنَّ فِيهِ تَقدِيم مَعمولِ المَصدَرِ المنحَلِّ لِحَرفٍ مَصدَرِيٍّ وَالفِعلِ عَلَيهِ، وَهوَ لَا يَجوز.

<<  <  ج: ص:  >  >>