للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقوله:

وَمَا سُعَادُ غَدَاةَ البَينِ إذْ رَحَلُوا ... . . . . . . . . . . (١)

أو أنها رحلت مع قومها، ففيه التغليب؛ كقول أبي جحيفة رضي اللَّه تعالى عنه: خرج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالهاجرة، فأتي بوضوء فتوضأ وصلى بنا الظهر والعصر، وبين يديه عنَزَةٌ، والمرأة والحمار يمرون من ورائها.

قال المصنف أراد: (المرأة والحمار وراكبه)، فحذف الراكب لدلالة الحمار، ثم غلب تذكير الراكب المعهود على تأنيث المرأة، وبهيمة الحمار.

ومن التشاكل قول بعض العرب (٢) (اللَّهم رب السماوات وما أظللن، ورب الأرضين وما أقللن، ورب الشياطين ومن (٣) أضللن)، واللائق: (ومن أضلوا).

وحمل على حذف الموصوف قوله تعالى: {وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ}؛ أي: (من القوم القانتين).

وقيل غير ذلك.

وقد عادت النون للذكور العقلاء على تأويل الجماعة، في قول الشاعرِ:


(١) التخريج: صدر بيت من البسيط، وعجزه: إلا أغن غضيض الطرف مكحول
وهو لكعب بن زهير في ديوانه ص ٦٠؛ والدرر ٥/ ٣١١؛ وشرح شواهد الإيضاح ص ١٣٩؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٥٢٥؛ والشعر والشعراء ١/ ١٦٠؛ ولسان العرب ١٣/ ٣١٥ (غنن)؛ وهمع الهوامع ٢/ ١٠٨؛ وبلا نسبة في مغني اللبيب ٢/ ٤٣٨؛ والمنصف ٣/ ٨٥.
الشاهد: قوله: (رحلوا)؛ حيث أعاد الضمير على المؤنث بلفظ المذكر المجموع للتعظيم.
وله توجيه آخر ذكره المصنف، وهو: أنها رحلت مع قومها. . ففيه التغليب.
(٢) بل هو حديث نبوي شريف، وهو دعاء دخول السوق كما رواه ابن خزيمة في صحيحه ٢٣٨٩: عن صهيب صاحب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم ير قرية يريد دخولها إلا قال حين يراها: "اللَّهم رب السموات السبع وما أظللن، ورب الأرضين وما أقللن، ورب الشياطين وما أضللن، ورب الرياح وما ذرين، فإنا نسألك خير هذه القرية، وخير أهلها ونعوذ بك من شرها وشر أهلها وشر ما فيها".
(٣) الأولى أن تكون (ما) كما في الحديث السالف الذكر.
أقول: وفي استعمال (ما) بدل (مَن) هنا نكتة لطيفة، وهي: أن من يغويه الشيطان يكون غالبًا قد ترك عقله جانبًا، فناسبه استعمال (ما) والتي تختص بما لا يعقل. واللَّه أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>