بكسر الراء من (شَرِق) وهو صفة مشبهة.
أكفيك العرب كلها ما خلا بني أبي.
فأدخلهم واحدًا واحدًا على كسرى، وهو يسألهم، ويجيبونه بما قال لهم عدي بن زيد.
ثم أدخل النعمان على كسرى بعد إخوته، وكان أزراهم منظرًا، وقال له: إذا قال لك الملك: أتكفيني العرب كلها؟ فقل: نعم أكفيك العرب كلها.
فإذا قال: وتكفيني بني أبيك؟
فقل: إذا لم أكفك بني أبي .. فكيف أكفيك العرب كلها؟!
فسأله كسرى، فقال له كما قال له عدي.
فولاه على جميع العرب بسبب عدي ولطف احتياله.
وكان عدي بن مرينا مع بعض إخوة النعمان، وكان يبغض عديًا ويحسده، فجعل عدي بن مرينا يقع في عدي بن زيد عند النعمان ويحمله عليه ويقول للنعمان: إنه يحقرك ولا يعرف قدرك، ولا آمن أن يشي بك إلى كسرى.
فغضب النعمان من ذلك وبعث إلى عدي بن زيد يستزيره، فأتاه عدي، فأمر النعمان بحبسه والتضييق عليه، فقال في السجن أشعارًا كثيرة يستعطف النعمان فيها، منها قوله:
أبْلِغ النّعْمَانَ عَنِّي مَالَكًا .... أنَّه قَدْ طَالَ حَبْسي وَانتِظَارِي
لَوْ بِغَيْرِ المَاءِ حَلْقِي شَرق ... كُنْت كالغِصان بِالمَاءِ اعتِصَارِي
قَاعِدًا يَكرب نَفْسِي بَثَّهَا ... وَحَرَامًا كانَ حَبْسِي وَاحْتِقَارِي
وقال:
أَلا مَن مُبْلِغَ النّعْمَانَ عَنِّي ... وَقَد تُهْدَى النَّصِيحَة بِالمَغِيبِ
أَحَظِّي كَانَ سِلْسِلَةً وَقَيْدًا ... وَغِلًا وَالبَيَانُ لَدَى الطَّبِيبِ
أتَاكَ بِأَننِي قَد طَالَ حَبْسي ... فَلَم تَسْأَم لِمَسْجُون غَريبِ
وَبَيْتي مُقْفِرُ الأرْجَاءِ فِيهِ ... أَرَامِل قَدْ هَلَكْنَ مِنَ النَّحِيبِ
يُبَادِرْنَ الدُّمُوعَ عَلى عدي ... كَشِنٍّ خَانَهُ خَرْزُ الرَّبِيبِ
يُحَاذِرْنَ الوُشَاةَ عَلَى عدي ... وَمَا قَرَفوا عَلَيْهِ مِنَ الذُّنُوبِ
فَقَد أَضْحَى إِلَيْكَ كَمَا أَرَادُوا .... وَقَد ترجى الرَّغَائب مِ المُثيبِ
فَإِن أَخطَأتُ أَو أوهمْتُ أمرًا ... فَقَد يَهِمُ المصَافِي بِالحَبِيبِ
وَإِن أَظلم فَقَد عَاقَبْتُمُونِي .... وَإِن أُظلَم فَذَلِكَ مِن نَصِيبِي
فَهَل لَكَ أَن تدارِك مَا لَدَيْنَا ... وَلَا تَغلِب عَلَى الرَّأيِ المُصِيبِ
فَإِنِّي قَد وَكلتُ اليَومَ أَمْرِي ... إِلَى رَبٍّ قَريبٍ مُستَجِيبِ