للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

حيثُ لم يقلْ: سمَّتهُ.

وقولُ الشَّاعرِ:

أَنا الَّذِي فَرَرْتُ يَومَ الحرَّةْ ... وَالحُرُّ لَا يَفِرُّ إِلَّا مَرَّهْ (١)


= ضمير مضاف إِليه. حيدره: مفعول به ثان منصوب بفتحة مقدرة على آخره منع من ظهورها مناسبة القافية.
وجملة: (سمتني): صلة الموصول لا محل لها.
الشاهد: قوله: سمتني أمي؛ حيث جاء عائد الموصول ضمير متكلم ولم يشترط كونه ضمير غيبة؛ لأَن الموصول سبق بضمير حاضر.
وقال في خزانة الأدب (٦/ ٦٢ - ٦٣): أَنا الَّذِي سمتني أُمِّي حيدره
أورده المؤلف شاهدًا على أنه يجوز أَن يُقال: سمتني، والأكثر: سمته. وظاهر كلامه أنه غير قبِيح. وكذلِك كلام صاحب الكشّاف، وبِه استشهد عِند قوله تعالى: {وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٦١) أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي} على جواز كون {أُبَلِّغُكُمْ} صفة {رَسُولٌ}؛ لأَن الرّسول وقع خبرًا عن ضمير المُتكلّم فِي لكني، فجاز عود ضمير المُتكلِّم عليهِ كما وقع الموصول فِي البيت خبرًا عن ضمير المُتكلّم، مع أَن حق الضّمِير العائِد إِلى الموصول: الغيبة، فكان مُقتضى الظّاهِر فِي الآية: يبلغكم، وفِي البيت: سمته.
وكذلِك ظاهر كلام ابن الشجري فِي أمالِيهِ فإِنّهُ تكلم على قول المتنبي:
كفى بجسمي نحولًا أنني رجل ... لولا مخاطبتي إِياك لم ترني
قال: "رجلٌ" خبر موطئ، والجُملة بعده صفته والفائدة بها، والخبر الموطئ كالزيادة فِي الكلام.
فلذلِك عاد الضميران وهما: الياء فِي "مخاطبتي" و"لم ترني" إِلى الياء فِي "أنني"، ولم يعودا على "رجل"، لأَن الجُملة فِي الحقِيقة خبرٌ عن "أنني".
ونظِيره: عود الياء إِلى الَّذِي فِي قول عليّ رضِي اللّهُ عنه: أَنا الَّذِي سمتني أُمِّي حيدره؛ لما كان المعني الَّذِي هو أَنا فِي المعني، وليس هذا مِمّا يحمل على الضّرورة؛ لِأنّهُ وقع فِي القُرآن؛ نحو: {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ}.
ومِمّا جاء فِي الشّعر لغير ضرورة قوله:
(أَأَكْرَمُ مِنْ لَيْلَى عَلَيّ فَتَبْتَغِي ... بِهِ الجَاهَ أَمْ كُنْتَ امْرَأً لَا أُطِيعهَا)
ولم يقل يطيعها وفاقًا لامرئٍ؛ فهذا دلِيل على دلِيل التّنزِيل .. فاعرف هذا وقس عليهِ نظائِره.
(١) التخريج: البيتان من الرجز المشطور قالهما عبد اللَّه بن مطيع بن الأسود العدوي وكان قد

<<  <  ج: ص:  >  >>