للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ومنه قوله: {إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ}.

وَكَانَ حق هذه اللّام أَن تدخل علَى أول الكلام؛ نحو: (إن لَزيدًا فِي الدّار) فزحلقت للخبر؛ لأَنَّها للتوكيد، و (إِنَّ) للتوكيد، فكرهوا دخول (إنَّ) علَى حرف بمعناها.

وَلَم يعكسوا؛ لأنَّ (إنَّ) عاملة، والعامل أولَي بالتّقديم، فأبقيت وأخرت اللّام كما ذكر.

ولَا تدخل هذه اللّام إِلَّا في خبر (إنَّ) فقط، فيخرج نحو: (ليت)، و (لعل)، و (كأنَّ)؛ لأنَّ معنَى الابتداء قَدْ زال مع هذه الثلاثة.

ويخرج (أَنَّ) المفتوحة؛ لأنَّ اللّام لا تدخل فِي خبرها علَى المشهور.

وأجازه المبرد، وبه قرأ سعيد بن جبير رضي اللَّه تعالَى عنهُ: (إِلَّا أَنَّهم ليأكلون الطّعام).

وخُرِّج علَى زيادة اللّام.

وسبق لسان الحجاج بفتح (أنَّ) في: (أن ربهم بهم يومئذ خبير) فأسقط اللام مخافة أَن ينسب إِليه لحن.

قال السّمين (١): ويحكى عن الخبيثِ الرّوحِ الحجاجِ، وذكر ذلك ثم قال: وهذا إن صح كفر.

وقال الزّمخشري فِي "المفصل" (٢): وهو من جرأة الحجاج علَى اللَّه.


(١) انظر: الدر المصون في علوم الكتاب المكنون للسمين ١١/ ٩٢، قال فيه: (ويُحْكَى عن الخبيثِ الروحِ الحَجَّاج: أنه لما فَتَح همزةَ "أنَّ" .. استدرك على نفسِه فتعمَّد سقوطَ اللامِ.
وهذا إنْ صَحَّ كُفْرٌ.
ولا يُقالُ: إنها قراءةٌ ثابتةٌ، كما نَقَلْتُها عن أبي السَّمَّال، فلا يكفرُ، لأنه لو قرأها كذلك ناقِلًا لها .. لم يُمْنَعْ منه، ولكنه أسقطَ اللامَ عَمْدًا إصلاحًا للِسانِه.
وأجمعَ الأمةُ على أنَّ مَن زاد حرفًا في القرآن أو نَقَصَه عَمْدًا فهو كافِرٌ.
وإنما قلتُ ذلك؛ لأنِّي رأيتُ الشيخَ قال: "وقرأ أبو السَّمَّال والحجَّاج" ولا يُحْفَظُ عن الحجَّاجِ إلَّا هذا الأثرُ السَّوْءُ، والناسُ يَنْقُلونه عنه كذلك، وهو أقلُّ مِنْ أَنْ يُنْقَلَ عنه) انتهى كلام السمين في كتابه.
(٢) شرح المفصل: ٤/ ٥٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>