للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فقالوا: أعمل الأول مع إِمكان إعمال الثّاني.

وأجاب البصريون: بأن هذا ليس من التّنازع؛ لفساد المعنَى، وذلك أَن مدخول (لو) إن وقع مثبتًا. . كَانَ منفيًا، وعكسه، وجوابها كذلك، ولَا شك أَن الشّرط هنا مثبت، والجواب كذلك، فمعناهما النّفي لِمَا ذُكر، والتقدير: (انتفى سعيي لأدنى معيشة، فلم يكفني قليل من المال)، وقوله: (وَلَم أطلب): معطوف علَى الجواب، وهو منفي، فمعناه الإِثبات؛ لما تقدم من القاعدة؛ لأنَّ المعطوف علَى الجواب حكمه حكمِ الجواب فِي القاعدة المذكورة، ومتَى كَانَ مثبتًا. . لزم مخالفته لما عطف عليه؛ لأنَّ المعطوف عليه معناه: (لم يكفني قليل من المال)، والمعطوف هنا معناه: (أطلب قليلًا) وهذا متناقض؛ لأنه لا يطلب مالًا يكفيه، فمفعول الثّاني ليس ضميرًا لقليل، بَل التّقدير: (لم أطلب الملك أَو المجد).

والشلوبين: إن قدرت الواو للحال. . جاز كونه من التّنازع؛ لأنَّ (لم أطلب) يصير منفيًا علَى بابه، فيصير المعنَى: (انتفَى سعيي لأدنَى معيشة، فلم يكفني قليل من المال وَلَم أطلبه).

وكذا: إن جعلت الواو للاستئناف، وفي كليهما نظر؛ لأنَّ الواو الحالية أَو الاستئنافية غير عاطفة، فَلَا يكون بَينَ عاملي التّنازع ارتباط.

ومن إعمال الثّاني: قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا}، {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ}، {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ}، ولو أعمل الأول. . لقيل: (وكذبوا بها بآياتنا)، (يستغفر لكم إِلَى رسول اللَّه)، (يفتيكم فيها فِي الكلالة) كما ستعرفه.

وقول الشّاعر:

. . . . . . . . . . . ... جَرَى فوقَها واسْتَشْعَرَتْ لَوْنَ مُذْهَبِ (١)


(١) التخريج: عجز بيت من الطويل، وصدره: وَكُمتًا مُدَمّاةً كَأَنَّ مُتُونَها
وهو للطفيل الغنوي في ديوانه ص ٢٣، وأمالي ابن الحاجب ص ٤٤٣، والرد على النحاة ص ٩٧، وشرح أبيات سيبويه ١/ ١٨٣، وشرح المفصل ١/ ٧٨، والكتاب ١/ ٧٧، ولسان العرب ٢/ ٨١ كمت، ٤/ ٤١٣ شعر، ١٤/ ٢٧٠ دمي، والمقاصد النحوية ٣/ ٢٤، وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص ٥١٥، وتذكرة النحاة ص ٣٤٤، والمقتضب ٤/ ٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>