وأشار بقوله: (وَإِنْ يَجُرَّا ... إِلَى آخره) إِلَى أنهما إن جُرَّا في المضي .. فهما بمعنَى (من)؛ نحو: (ما رأيته مذ يوم الجمعة)؛ أَي: (من يوم الجمعة).
وإن جرا في الحضور فبمعنى في (: (ما رأيته مذ يومنا)؛ أي: (في يومنا) وسبق في أول الباب.
والحاصل: أنهما يكونان اسمين، ويكونان حرفين.
ومن علامة الأول: أن يقع بعدهما اسم مرفوع.
وعلامة الثاني: أن يكون اسم الزمان بعدهما مجرورًا.
وإذا تلتهما الجملة الفعلية .. كانا اسمين منصوبي المحل على الظّرفية، مضافين لهما كما سبق.
وظاهر كلام سيبويه، في قول الشّاعر:
وَما زِلتُ أَبْغِي المَالَ مُذْ أَنَا يَافِعٌ ..........................................
أنهما اسمان منتصبان على الظرفية، مضافان إلى الجملة كسائر أسماء الزّمان.
وقال الأخفش: مرفوعان على الابتداء، وهناك اسم زمان محذوف بين الجملة وبينهما، وهو خبر عنهما؛ أَي: (مذ زمن أنا يافع)؛ لأنهما لا يدخلان عنده إِلَّا على أسماء الزّمان ملفوظًا بها أَو مقدرًا.
ولهذا قال ابن بابشاذ: لا يقع بعدهما من الأسماء إِلَّا ما كان زمانا أو مقتضيًا لزمان؛ لأنهما لابتداء الغاية في الزمان، فلا يقع بعدهما المستقبل، فلا تقول: (أراك مذ غدا).
وبنو سليم يقولون: (مِنذ) و (مِذ) بكسر الميم.
و (منذ): مفرد عند البصريين.
وقال الفراء: أصله: (من) و (ذو) بمعنّى (الذي) على لغة: طيء.
وقوله: (حيثُ): ظرف مكان، والعامل فيها (اسْمانِ)، لأنه في تأويل الصّفة إذ التقدير: محكوم باسميتهما.
والجامد: إِذا أول بالصّفة .. يعمل كما سبق في المفعول فيه.
والله الموفق