للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وزعم المعتزلة : صحته في النقيض دون العين، لأن الفعل للإكراه لا يحصل الامتثال به (١).


(١) نبه ابن برهان على أن نسبة هذا المذهب للمعتزلة خطأ في النقل عنهم. وأرجع أصل الخطإ إلى أن «العلماء رأوا في كتبهم أن الملجأ ليس بمخاطب، فظنوا أن المكره والملجأ واحد» (عن البحر المحيط : ١/ ٣٥٩). وقد عرف القاضي عبد الجبار التكليف بأنه «إعلام الغير في أن له، أن يفعل أو أن لا يفعل، نفعا أو دفع ضر، مع مشقة تلحقه في ذلك، على حد لا يبلغ الحال به حد الإلجاء» (شرح الأصول الخمسة : ص ٥١٠). فمذهبهم في التكليف إخراج الملجإ عن أن يكون مكلفا لا المكره. ومقتضى مذهبهم في المدح والذم والثواب والعقاب لا يحتمل شيئا مما نسب إليهم في هذا الموضوع قطعا. وقد أنكر الزركشي (البحر المحيط : ١/ ٣٦٠) أن يكون في الأمر خطأ ما في النقل مستدلا بمكانة من نسب إليهم هذا المذهب من العلماء الفحول. واستدلاله مردود عليه بمثله وهو أن ابن برهان الذي أنكر نسبة هذا المذهب للمعتزلة هو نفسه من فحول العلماء. وقد نقل ذلك عنه في كتابه - كما تقدم - كما نقل هو نفسه إنكار نسبة هذا المذهب للمعتزلة من قبل جماعة من المحققين حيث قال : «وما نقلوه عن المعتزلة قد نازع فيه جماعة منهم إلكيا الطبري». (البحر المحيط : ١/ ٣٥٩). ومن العلماء الفحول الذين أنكروا نسبة هذا المذهب للمعتزلة إمام الحرمين حيث قال في البرهان (١/ ١٠٧) تعليقا على رد القاضي الباقلاني عليهم : «. . . وقد ألزمهم القاضي رحمه الله إثم المكره على القتل، فإنه منهي عنه آثم به لو أقدم عليه. وهذه هفوة عظيمة؛ فإنهم لا يمنعون النهي عن الشيء مع الحمل عليه؛ فإن ذلك أشد في المحنة واقتضاء الثواب، وإنما الذي منعوه الاضطرار إلى فعل مع الأمر به» وهو نفس ما ذكره ابن برهان من تعليل الخطإ في النقل فإن «الاضطرار» و «الإلجاء» بمعنى واحد. وما أسهبت في بيان مذهب المعتزلة في هذا الموضوع إلا لما لا حظته من إطلاق نسبة المعتزلة لهذا المذهب عند المحدثين من الأصوليين كما عند الشارح هنا؛ ونظرا لما في البحوث الأصولية المعاصرة من التجني الواضح على المعتزلة في هذا الموضوع وذلك بتحميل نصوصهم ما لا تحتمل : فقد -

<<  <   >  >>