بهذه العدوة المغربية، ما كان لهم من الفضل في الجزيرة الأندلسية؛ بل زادوا مزية أخرى، بتكرير الولاية الكبرى؛ حتى انتشرت في الأولياء مناقبهم، وارتفعت بين العلماء مناصبهم. فمزيتهم في العلم والصلاح شائعة، وأحوالهم في الخيرات بين الناس ذائعة. منذ قدموا على فاس، وهم يبثون العلوم في صدور الناس؛ وذلك نحو ثلاثمائة سنة أو أكثر؛ والأول لمن بعده كالصبح إذا أسفر. فما منهم إلا من قرأ العلم فحققه، وأحكم قياسه وحرر طرقه؛ وعم الانتفاع به في العباد، وشاعت فضائله في البلاد. وقلما تجد في المغرب من أحد، عالما أو صالحا، إلا ومنهم صار له المدد؛ وعليهم عول في طريقه واعتمد» (١).