للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثامنها : أنه حجة، إن كان الساكتون أقل من القائلين، بناء على أن مخالفة الأقل لا تضر.

تاسعها : أنه حجة فيما يدوم ويستمر وقوعه دون غيره وهو قول إمام الحرمين (ت ٤٧٨ هـ‍) (١)، نقله [عنه] (٢) البرماوي (ت ٨٣١ هـ‍) (٣).

والصحيح من هذه الأقوال : أنه حجة مطلقا، وشهره


(١) لعل الذي استند عليه في تقرير مذهب إمام الحرمين هو قوله في البرهان (١/ ٧٠٦ ف ٦٥١) : «وأنا أقول لا يتصور دوام السكوت مع تذاكر الواقعة في حكم العادة قطعا وهذه صورة يحيل العقل وقوعها فإن هؤلاء سيخوضون فيها إما بوفاق أو خلاف ما يبدون حكمه وافقوا أو خالفوا فإذن لم يتصور استمرار السكوت حتى يبنى عليه ادعاء القطع ومن عجيب الأمر أن هذا القائل أحال إدامة السكوت من غير قطع ولم يعلم أنهم لو أضمروا القطع لأبدوه ولم يسكتوا إذا تطاول الزمان» وقد نسبه إليه الزركشي في البحر المحيط (٤/ ٥٠٢) بناء على قوله المذكور. ونسب هذا المذهب للغزالي أيضا بناء على قوله في المنخول (١/ ٣١٩) : «والمختار أن السكوت لا يكون حجة إلا في صورتين : إحداهما سكوتهم وقد قطع بين أيديهم قاطع لا في مظنة القطع، فالدواعي تتوفر في الرد عليه. والثانية : ما يسكتون عليه مع استمرار العصر وتكرر الواقعة بحيث لا يبدي في ذلك أحد خلافا. فأما إذا حضروا مجلسا فأفتى واحد وسكت الآخرون فذلك إعراض لكون المسألة مظنونة والأدب يقتضي أن لا يعترض على القضاة والمفتين والله أعلم».
(٢) في (ج) : عن، وهو محال. في الأصل : هنا، وهو ممكن. والمثبت من (ب) وهو الصواب.
(٣) أبو عبد الله شمس الدين محمد بن عبد الدايم بن موسى النعيمي العسقلاني البرماوي (٧٦٣ - ٨٣١ هـ‍) فقيه أصولي شافعي نحوي، له تصانيف مفيدة منها : شرح صحيح البخاري سماه اللامع الصحيح على الجامع، ونظم ألفية في أصول الفقه وشرحها. حسن المحاضرة : ١/ ٢٠٧. الفتح المبين : ٣/ ٢٩.

<<  <   >  >>