للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

زاهدا في الدنيا، معرضا عنها كل الإعراض. لا يأكل الأحباس، ولا يلتفت لما في أيدي الناس، بل كان يعرض عليه التجار العطايا الجزيلة، فلا يقبلها» (١).

وقال أبو عبد الله محمد الصغير اليفرني : «. . . ولما دخل مولانا الرشيد فاس أفاض المال على علمائها وغمرهم بجزيل العطايا» (٢). وقد أرسل لسيدي عبد القادر في جملتهم بنصيب وافر فقال : «قولوا له يشغل نفسه بغيري، فالذي رزقني من المهد إلى أن ابيضت لحيتي هو يرزقني» (٣).

أما كيف كان يتعيش مع الزهد في جميع ما ذكر، فقد «اتخذ نسخ كتب الحديث وما في معناه حرفة وعبادة، فنسخ نسخا عديدة من صحيحي البخاري ومسلم، ومن الشفا، والشمائل، والشهاب، ودلائل الخيرات، وسيرة ابن سيد الناس، وغير ذلك. وكان أكثر ما يكتب الصحيحين مع إدمان قراءتهما بزاويته» (٤).

قال سيدي عبد الرحمن : «. . . فكانت حرفة الشيخ عبادة في عبادة في عبادة : كان يقصد نفع المسلمين، فيستعمل يده وجوارحه في ذلك تعبدا.

مع ما في أثناء ذلك من الذكر، والصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلم، وما في تخليد ذلك كله في الكتاب، وإقامة النسخ المعتمدة، واكتساب الحلال، والجد


(١) سلوة الأنفاس فيمن أقبر من العلماء والصلحاء بفاس : ١/ ٣١٠.
(٢) روضة التعريف بمفاخر مولانا إسماعيل بن الشريف : ص ٣٨.
(٣) نشر المثاني : ٢/ ٢٧٥.
(٤) تحفة الأكابر : ١/ ١١٤.

<<  <   >  >>