ما عليهم بالعهد الذي استوجبوا حق الذمام، والذبّ عن الحرمة، واستوجبوا أن يذبّ عنهم كل مكروه، حتى يكونوا للمسلمين شركاء فيما لهم، وفيما عليهم.
ولا يحملوا من النكاح شططا لا يريدونه، ولا يكره أهل البنت على تزويج المسلمين، ولا يضارّوا في ذلك إن منعوا خاطبا وأبوا تزويجا، لأنّ ذلك لا يكون إلّا بطيبة قلوبهم، ومسامحة أهوائهم، إن أحبّوه ورضوا به. إذا صارت النصرانية عند المسلم، فعليه أن يرضى بنصرانيتها، ويتبع هواها في الاقتداء برؤسائها، والأخذ بمعالم دينها، ولا يمنعها ذلك. فمن خالف ذلك وأكرهها على شيء من أمر دينها، فقد خالف عهد الله وعصى ميثاق رسوله، وهو عند الله من الكاذبين.
ولهم إن احتاجوا في مرمّة بيعهم وصوامعهم، أو شيء من مصالح أمورهم ودينهم، إلى رفد من المسلمين وتقوية لهم على مرمّتها، أن يرفدوا على ذلك ويعاونوا، ولا يكون ذلك دينا عليهم، بل تقوية لهم على مصلحة دينهم، ووفاء بعهد رسول الله موهبة لهم، ومنّة لله ورسوله عليهم.
ولهم أن لا يلزم أحد منهم، بأن يكون في الحرب بين المسلمين وعدوهم، رسولا، أو دليلا، أو عونا، أو متخبرا، ولا شيئا مما يساس به الحرب. فمن فعل ذلك بأحد منهم، كان ظالما لله ولرسوله عاصيا، من ذمّته متخليا. ولا يسعه في إيمانه إلّا الوفاء بهذه الشرائط التي شرطها محمد بن عبد الله، رسول الله لأهل ملّة النصرانية، واشترط عليهم أمورا يجب عليهم في دينهم التمسّك والوفاء بما عاهدهم عليه. منها: ألا يكون أحد منهم عينا ولا رقيبا لأحد من أهل الحرب على أحد من المسلمين في سره وعلانيته، ولا يأوى منازلهم عدوّ للمسلمين، يريدون به أخذ الفرصة وانتهاز الوثبة، ولا ينزلوا أوطانهم ولا ضياعهم ولا في شيء من مساكن عباداتهم