للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى دينه، ومن عاهدتم وأعطيتموهم ذمة الله فوفّوا له بها. ومن أسلم وأعطاكم الرضا فهو منكم وأنتم منه، ومن قاتلكم على هذا بعد ما استجبتم له فقاتلوه، ومن حاربكم فحاربوه، ومن كايدكم فكايدوه، ومن جمع لكم فاجمعوا له، أو غالكم فغيلوه، أو خادعكم فاخدعوه من غير أن تعتدوا، أو ماكركم فامكروا به من غير أن تعتدوا سرّا أو علانية، فإنه من انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل.

واعلموا أن الله معكم يراكم، ويرى أعمالكم ويعلم ما تصنعون كله، فاتقوا الله، وكونوا على حذر، فإنما هذه أمانة ائتمنني عليها ربي، أبلغها عباده عذرا منه إليهم، وحجة منه أحتجّ بها على من بلغه هذا الكتاب من الخلق جميعا، فمن عمل بما فيه نجا، ومن اتبع ما فيه اهتدى، ومن خاصم به أفلح، ومن قاتل به نصر، ومن تركه ضلّ، حتى يراجعه، فتعلموا ما فيه، وأسمعوه آذانكم، وأوعوه أجوافكم، واستحفظوه قلوبكم، فإنه نور الأبصار، وربيع القلوب، وشفاء لما في الصدور، وكفى بهذا آمرا ومعتبرا، وزاجرا وعظة، وداعيا إلى الله ورسوله.

فهذا هو الخير الذي لا شرّ فيه، كتاب محمد بن عبد الله رسول الله ونبيه، للعلاء بن الحضرمي حيث بعثه إلى البحرين، يدعو إلى الله ورسوله يأمره أن يدعو إلى ما فيه من حلال وينهى عما فيه من حرام، ويدل على ما فيه من رشد، وينهى عما فيه من غيّ، كتاب ائتمن عليه نبيّ الله العلاء بن الحضرميّ وخليفته سيف الله خالد بن الوليد، وقد أعذر إليهما في الوصية بما في هذا الكتاب وإلى من معهما من المسلمين، ولم يجعل لأحد منهم عذرا في إضاعة شيء منه، لا الولاة ولا المتولّى عليهم، فمن بلغه هذا الكتاب من الخلق جميعا فلا عذر له ولا حجة، ولا يعذر بجهالة شيء مما في هذا الكتاب» .

كتب هذا الكتاب لثلاث من ذي القعدة لأربع سنين مضت من مهاجر نبي الله، إلا شهرين. شهد بهذا الكتاب يوم كتبه ابن أبي سفيان، يملي

<<  <   >  >>