مِن عَمَرَ بِمَعْنَى اعْتَمَرَ وَإِنْ لَمْ نَسْمَعه، ولعلّ غيرنا نسمعه، وَأَنْ يَكُونَ ممَّا اسْتُعْمِل مِنْهُ بعضُ التَّصاريف دُونَ بَعْضٍ، كَمَا قِيلَ: يَذَرُ ويَدَعُ وينْبَغي، فِي المسْتَقْبَل دُونَ الْمَاضِي، واسمَيِ الفاعِل وَالْمَفْعُولِ» .
(هـ) وَفِيهِ «لَا تُعْمِرُوا ولَا تُرْقِبُوا، فَمن أُعْمِرَ شَيْئًا أَوْ أُرْقِبَه فَهُوَ لَه ولورثَته مِنْ بَعْده» وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ العُمْرَى والرُّقْبَى فِي الْحَدِيثِ. يُقَالُ: أَعْمَرْتُه الدارَ عُمْرَى: أَيْ جَعَلتها لَهُ يَسْكُنها مُدَّة عُمْرِه، فَإِذَا مَاتَ عَادَتْ إليَّ، وَكَذَا كَانُوا يَفعلون فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فأبْطل ذَلِكَ وأعْلمهم أنَّ مَنْ أُعْمِرَ شَيئاً أَوْ أُرْقِبَه فِي حَيَاتِهِ فَهُوَ لورَثَتِه مِنْ بَعْده. وَقَدْ تَعاضَت الرواياتُ عَلَى ذَلِكَ. والفُقهاءُ فِيهَا مخْتَلِفون، فَمِنْهُمْ مَنْ يَعْمَل بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ ويَجْعلها تَملِيكا، وَمِنْهُمْ مَنْ يجعلُها كالعارِيَّة ويَتَأوّل الْحَدِيثَ.
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّهُ اشترَى مِنْ أعْرابي حِمْل خَبَط، فلمَّا وجَب الْبَيْعُ قَالَ لَهُ: اخْتَرْ، فَقَالَ لَهُ الْأَعْرَابِيُّ: عَمْرَكَ اللهَ بَيِّعا «١» أَيْ أَسْأَلُ اللَّهَ تَعْمِيرك وَأَنْ يُطِيل عُمْرَك. والعَمْر بِالْفَتْحِ. العُمْر، وَلَا يُقَالُ فِي القَسم إلّا بالفتح، وبيّعا: منصوب على التميز: أَيْ عَمْرَكَ اللهَ مِنْ بَيِّع.
وَمِنْهُ حَدِيثُ لَقِيط «لَعَمْرُ إِلَهِكَ» هُوَ قَسَم بِبَقَاءِ اللَّهِ ودَوَامه، وَهُوَ رفْعٌ بِالِابْتِدَاءِ، وَالْخَبَرُ محذوفٌ تقديرُه: لَعَمْرُ اللَّهِ قَسَمي، أَوْ مَا أقْسِم بِهِ، واللاَّم للتَّوكيد، فَإِنْ لَمْ تَأْتِ بِاللَّامِ نَصَبْتَه نَصْبَ الْمَصَادِرِ فقلْت: عَمْرَ اللهَ، وعَمْرَك اللهَ. أَيْ بإقْرارك لِلَّهِ وتَعْمِيرك لَهُ بِالْبَقَاءِ.
وَفِي حَدِيثِ قَتْلِ الْحَيَّاتِ «إنَّ لِهَذِهِ البُيوت عَوَامِرَ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ منْها شَيْئًا فحرِّجُوا عَلَيْهِ ثَلَاثًا» العَوَامِر: الحيَّات الَّتِي تَكُونُ فِي البُيوت، وَاحِدُهَا: عَامِر وعَامِرَة. وَقِيلَ: سُمِّيت عَوَامِر لطُول أَعْمَارها.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمة ومُحَارَبَته مَرْحباً «مَا رَأَيْتُ حَرْباً بَين رجُلين قَبْلَهُما
(١) الذي في الهروي: «عمرَك الله من أنت؟ وفي رواية أخرى «عمَّرك اللهُ بيِّعاً» قال الأزهري أراد: عمَّرك اللهُ من بيِّع» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute