المَسانَّ أهلَ الجَلَد والقُوَّة عَلَى الْقِتَالِ، وَلَمْ يُرِد الهَرْمَى. والشَّرْخُ: الصِّغَارُ الَّذِينَ لَمْ يُدْرِكوا. وَقِيلَ أَرَادَ بِالشُّيُوخِ الهَرْمَى الَّذِينَ إِذَا سُبُوا لَمْ يُنْتَفع بِهِمْ فِي الخدْمة، وَأَرَادَ بِالشَّرْخِ الشبابَ أهلَ الجلَد الَّذِينَ يُنتفَع بِهِمْ فِي الخِدْمة. وشَرْخُ الشَّبَابِ: أوّلهُ. وَقِيلَ نَضَارتُه وَقُوَّتُهُ. وَهُوَ مَصْدَرٌ يقَعُ عَلَى الواحِدِ وَالِاثْنَيْنِ والجَمْع. وَقِيلَ هُوَ جَمعُ شَارِخٍ، مِثْلُ شَارِب وشَرْب.
وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحة «قَالَ لِابْنِ أَخِيهِ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ: لَعَلَّكَ تَرْجِع بَيْنَ شَرْخَيِ الرَّحل» أَيْ جانِبَيْه، أَرَادَ أَنَّهُ يُسْتَشْهَد فيرجعُ ابْنُ أخِيه رَاكِبًا مَوضِعه عَلَى راحلَتِه فيَسْتريح. وَكَذَا كَانَ، استُشْهد ابْنُ رَوَاحة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِيهَا.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ الزُّبَيْرِ مَع أزَبَّ. «جاءَ وَهُوَ بَين الشَّرْخَيْنِ» أَيْ جاَنَبي الرحْل.
وَفِي حَدِيثِ أَبِي رُهْم «لَهُمْ نَعَمٌ بشبَكَة شَرْخ» هُوَ بِفَتْحِ الشِّينِ وَسُكُونِ الرَّاء: موضعٌ بالحجازِ. وبعضُهم يَقُولُهُ بِالدَّالِ.
(شَرَدَ)
فِيهِ «لتَدْخُلُنّ الجنَّة أجمعُون أكْتَعون إَّلا مَنْ شَرَدَ عَلَى اللَّهِ» أَيْ خَرَج عَنْ طَاعَتِهِ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ. يُقَالُ شَرَدَ الْبَعِيرُ يَشْرُدُ شُرُوداً وشِرَاداً إِذَا نَفَر وذهَب فِي الْأَرْضِ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِنَّهُ قَالَ لخَوَّات بْنِ جُبَير: مَا فَعَل شِرَادُكَ» قَالَ الْهَرَوِيُّ: أَرَادَ بِذَلِكَ التَّعريضَ لَهُ بقصَّته مَعَ ذَاتِ النِّحْيَين فِي الجاهليَّة، وَهِيَ معروفةٌ «١» يَعْنِي أَنَّهُ لَمَّا فَرَغ مِنْهَا شَرَدَ وانفَلت خَوْفًا مِنَ التَّبِعة. وَكَذَلِكَ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي الصِّحَاحِ، وَذَكَرَ القِصَّة. وَقِيلَ إنَّ هَذَا وهمٌ مِنَ الْهَرَوِيِّ والجَوهَري وَمَنْ فسَّره بِذَلِكَ.
والحديثُ لَهُ قِصةٌ مَرْوِيَّةٌ عَنْ خوَّات إِنَّهُ قَالَ: نزلتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَرّ الظَّهْرَان، فَخرجْتُ مِنْ خِبائِي، فَإِذَا نِسْوة يتحدَّثْن فأعجْبنِني، فرجَعْتُ فأخرجتُ حُلَّة مِنْ عَيْبَتي فَلبِسْتُها ثُمَّ جَلستُ إِلَيْهِنَّ، فمرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهِبْتُه، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ جَمل لِي شَرُودٌ وَأَنَا أبْتَغي لَهُ قَيْدًا، فمضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتَبعتهُ، فألْقَى إلىَّ رِدَاءَهُ ودَخل الأرَاكَ فقضَى حاجتَه وتوضَّأَ؛ ثُمَّ جاءَ فَقَالَ: أَبَا عَبْدِ اللَّهِ: مَا فَعل شِرَادُ جَمَلك؟ ثُمَّ ارتَحلْناَ، فَجَعَلَ لَا يَلحَقُني إِلَّا قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، مَا فَعَلَ شِرَادُ جَمَلك؟ قال:
(١) انظر الصحاح (نحا)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute