بَابُ الثَّاءِ مَعَ الرَّاءِ
(ثَرَبَ)
(هـ) فِيهِ «إِذَا زَنَت أَمة أحَدِكم فلْيَضْرِبْها الْحَدَّ وَلَا يُثَرِّب» أَيْ لَا يُوَبّخْها وَلَا يُقَرّعها بِالزِّنَا بعْد الضَّرب. وَقِيلَ أَرَادَ لَا يَقْنَع فِي عُقُوبَتِهَا بِالتَّثْرِيب، بَلْ يَضْرِبُها الحّدَّ، فإنَّ زِنَا الإمَاء لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْعَرَبِ مَكْرُوهًا وَلَا مُنكَرا، فأمَرَهم بِحَدِّ الإِماء كَمَا أمرهُم بِحدّ الْحَرَائِرِ.
(هـ) وَفِيهِ «نَهى عَنِ الصَّلَاةِ إِذَا صَارَتِ الشمسُ كالأَثَارِب» ، أَيْ إِذَا تَفَرّقَتْ وخَصَّت مَوْضِعًا دُونَ مَوْضِعٍ عِنْدَ المغِيب، شبَّهها بالثُّرُوب، وَهِيَ الشَّحْمُ الرَّقِيقُ الَّذِي يُغَشّي الكَرِش وَالْأَمْعَاءَ، الواحِد ثَرْب، وَجَمْعُهَا فِي الْقِلَّةِ أَثْرُب. والأَثَارِب: جَمْع الْجَمْعِ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إنَّ الْمُنَافِقَ يُؤخّر العصْر حتى إذا صارت الشمس كَثَرْب البقَرة صَلاها» .
(ثَرْثَرَ)
- فِيهِ «أبْغَضُكم إِلَيَّ الثَرْثَارُون الْمُتَفَيْهِقُونَ» هُم الَّذِينَ يُكْثِرون الْكَلَامَ تَكَلُّفاً وَخُرُوجًا عَنِ الحقِّ. والثَّرْثَرَة: كَثْرة الْكَلَامِ وتَرْدِيدُه.
(ثَرَدَ)
(س) فِيهِ «فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيد عَلَى سَائِرِ الطَّعام» قِيلَ لَمْ يُرِدْ عَيْن الثَّرِيد، وَإِنَّمَا أَرَادَ الطَّعام المتَّخَذ مِنَ اللَّحْمِ والثَّرِيد مَعًا، لِأَنَّ الثَّرِيد لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ لحْم غَالِبًا، والعرَب قَلَّمَا تَجِد طَبِيخًا وَلَا سِيَّما بلَحْم. وَيُقَالُ الثَّرِيد أَحَدُ اللَّحْمَيْن، بَلِ اللَّذَّةُ والقُوّة إِذَا كَانَ اللَّحْمُ نَضِيجًا فِي المرَقِ أَكْثَرُ ممَّا يَكُونُ فِي نَفْسِ اللَّحْمِ.
وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ «فأخَذَتْ خِمَارًا لَهَا قَدْ ثَرَدَتْه بزعْفَران» أَيْ صَبَغْته. يُقَالُ ثَوْبٌ مَثْرُود:
إِذَا غُمِس فِي الصِّبْغ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا «كُلْ مَا أفْرَى الأوْدَاجَ غيرَ مُثَرِّد» المُثَرِّد الَّذِي يَقْتُلُ بِغَيْرِ ذَكَاةٍ. يُقَالُ ثَرَّدْتَ ذَبِيحَتَكَ. وَقِيلَ التَّثْرِيد: أَنْ تَذْبَح بِشَيْءٍ لَا يُسيل الدَّم.
ويُروى غَيْرَ مُثَرِّد، بِفَتْحِ الرَّاءِ عَلَى الْمَفْعُولِ. والرّوَايَةُ كُلْ، أَمْرٌ بِالْأَكْلِ، وَقَدْ رَدَّهَا أَبُو عُبَيْدٍ وغيرُه، وَقَالُوا: إنَّما هُوَ كُلُّ مَا أفْرَى الْأَوْدَاجَ؛ أَيْ كُلّ شَيْءٍ أفرِى الْأَوْدَاجَ، والفَرْيُ: القطع.
(٢٧- النهاية ١)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute