للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(نَفَذَ)

(هـ) فِيهِ «أيُّما رجُلٍ أشَادَ عَلَى مُسْلمٍ بِمَا هُوَ بَرِيءٌ مِنْهُ كَانَ حَقّاً عَلَى اللَّه أنْ يُعَذِّبَه، أَوْ يأتِيَ بِنَفَذِ مَا قَالَ» أَيْ بالمَخْرَج مِنْهُ. والنَّفَذُ، بِالتَّحْرِيكِ: المَخْرَج والمَخْلَص. وَيُقَالُ لِمَنْفَذِ الجِرَاحة: نَفَذٌ. أَخْرَجَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ.

(هـ) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ «إِنَّكُمْ مَجْموعون فِي صَعيِدٍ وَاحِدٍ، يَنْفُذُكُمُ البَصَر» يُقَالُ: «١» نَفَذَنِى بَصَرُه، إِذَا بلَغَني «٢» وجاوَزَني. وأَنْفَذْتُ «٣» القَومَ، إِذَا خَرَقْتَهم، ومَشَيْتَ فِي وسَطِهم، فَإِنْ جُزْتَهُم حَتَّى تُخَلِّفَهُم قُلْتَ: نَفَذْتُهُمْ، بِلَا ألِف. وَقِيلَ: يُقَالُ فِيهَا بالألِف.

قِيلَ: المُراد بِهِ يَنْفُذُهُمْ بَصَرُ الرَّحمن حَتَّى يأتِيَ عَلَيْهِمْ كُلِّهم.

وَقِيلَ: أَرَادَ يَنْفُذُهُمْ بَصَرُ النَّاظِرِ؛ لإسْتِواء الصَّعيد.

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: أَصْحَابُ الْحَدِيثِ يَرْوُونه بِالذَّالِ المعجَمة، وَإِنَّمَا هُوَ بالمهمَلة: أَيْ يَبْلُغ أوّلَهم وآخرَهم. حَتَّى يرَاهم كُلَّهم ويَسْتَوعِبَهم، مِنْ نَفَد «٤» الشَّيءُ وأنْفَدْتُه «٥» . وحَمْلُ الْحَدِيثَ عَلَى بَصرِ المُبْصِر أولَى مِنْ حَمْلِه عَلَى بَصَر الرَّحْمَنِ؛ لأنَّ اللَّه جَلَّ وَعَزَّ يَجمَع الناسَ يومَ الْقِيَامَةِ فِي أرضٍ يَشْهَد جَمِيعُ الْخَلَائِقِ فِيهَا مُحاسَبَةَ العَبْدِ الواحِدِ عَلَى انفِراده، ويَرَوْن مَا يَصِيرُ إِلَيْهِ.

(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَنَسٍ «جُمِعوا فِي صَرْدَحٍ يْنُفُذُهُم البَصَر، ويُسْمِعُهم الصَّوتُ» .

وَفِي حَدِيثِ بِرّ الوالِدَيْن «الِاسْتِغْفَارُ لَهُمَا وإِنْفَاذُ عَهْدِهما» أَيْ إمْضاء وَصِيَّتِهما، وَمَا عَهِدَا بِهِ قَبْل مَوتِهِما.

وَمِنْهُ حَدِيثُ المُحْرِم «إِذَا أَصَابَ أهْلَه يَنْفُذَانِ لوَجْهِهما» أَيْ يَمْضِيان عَلَى حالِهما، وَلَا يُبْطِلانِ حَجَّهما. يُقَالُ: رجُلٌ نَافِذٌ فِي أمرِه: أَيْ ماضٍ.

[هـ] وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «أَنَّهُ طَافَ بِالْبَيْتِ مَعَ فُلَانٍ، فَلَمَّا انْتَهَى إلى الرّكن الغربىّ الذى بلى الأسْوَدَ قَالَ لَهُ: ألاَ تَسْتَلِم؟ فَقَالَ لَهُ: انْفُذْ عَنْك، فإنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْتَلِمْه» أَيْ دَعْه وتَجاوَزْه. يُقَالُ: سِر عَنْك، وانْفُذْ عَنْك: أَيِ امْضِ عَنْ مكانِك وجُزْه «٦» .


(١) هذا شرح الكسائي، كما ذكر الهروي.
(٢) في الهروي: «تابعني» .
(٣) هذا من قول ابن عون، كما جاء في الهروي.
(٤) في الأصل، وا، والدر النثير: «نفذ ... وأنفذته» بالذال المعجمة. وأثبتّه بالمهملة من اللسان.
(٥) في الأصل، وا، والدر النثير: «نفذ ... وأنفذته» بالذال المعجمة. وأثبتُّه بالمهملة من اللسان.
(٦) زاد الهروي: «ولا معنى لِعَنْك» .

<<  <  ج: ص:  >  >>