للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِيهِ ذِكْرُ الأَذَان، وَهُوَ الإعْلام بِالشَّيْءِ. يُقَالُ آذَنَ يُؤْذِنُ إِيذَاناً، وأَذَّنَ يُؤَذِّنُ تَأْذِيناً، وَالْمُشَدَّدُ مَخْصُوصٌ فِي الِاسْتِعْمَالِ بإعْلام وقتِ الصَّلَاةِ.

وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِنَّ قَوْما أَكَلُوا مِنْ شَجَرَةٍ فجمدُوا «١» فَقَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قرِّسوا الْمَاءَ فِي الشِّنان وصُبُّوه عَلَيْهِمْ فِيمَا بَيْنَ الأَذَانَيْنِ» أرَادَ بِهِمَا أَذَانِ الفَجْرِ والإقَامَةَ. والتّقْرِيسُ: التبْرِيدُ.

والشنَانُ: القِرَبُ الخُلْقَانً.

وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ» يُرِيدُ بِهَا السُّنَنَ الرَّواتِبَ الَّتِي تُصَلى بَيْنَ الأذانِ والإقامةِ قَبْلَ الفَرْض.

وَفِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ «٢» «هَذَا الَّذِي أَوفى اللَّهُ بِأُذُنِهِ» أَيْ أَظْهَرَ اللَّهُ صِدْقَهُ فِي إِخباره عَمَّا سَمعَت أُذنُه.

(س) وَفِي حَدِيثِ أَنس «أنه قال له: ياذا الأُذُنَيْنِ» قِيلَ مَعْنَاهُ الحَضُّ عَلَى حُسْنِ الِاسْتِمَاعِ والوَعْي، لِأَنَّ السمعَ بحاسَّة الأذُنِ، وَمَنْ خَلَقَ اللَّهُ لَهُ أُذَنّينِ فأغْفَلَ الاستِماع وَلَمْ يُحْسِن الوَعْيَ لَمْ يُعْذَر. وَقِيلَ إِنَّ هَذَا الْقَوْلَ مِنْ جُمْلَةِ مَزْحه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَطِيفِ أَخْلَاقِهِ، كَمَا قَالَ لِلْمَرْأَةِ عَنْ زَوْجِها «ذَاكَ الَّذِي فِي عَيْنِهِ بياضٌ» .

(أذَى)

(هـ) فِي حَدِيثِ العَقِيقَة «أمِيطُوا عَنْهُ الأَذَى» يُرِيدُ الشَّعْرَ والنَّجَاسة وَمَا يَخْرُج عَلَى رَأْسِ الصَّبِيِّ حِينَ يُولَدُ، يُحْلَق عَنْهُ يومَ سَابِعِهِ.

(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَدْنَاهَا إمَاطَة الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ» وَهُوَ مَا يُؤْذِي فِيهَا كالشَّوكِ والحجرِ والنَّجَاسة وَنَحْوِهَا.

(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «كلُّ مُؤْذٍ فِي النارِ» وَهُوَ وَعِيدٌ لِمَنْ يُؤذي النَّاس فِي الدُّنْيَا بِعُقُوبَةِ النارِ فِي الْآخِرَةِ، وَقِيلَ أَرَادَ كلُّ مؤذٍ مِنَ السبَاع وَالْهَوَامِّ يُجْعل فِي النَّارِ عُقُوبةً لِأَهْلِهَا.

وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: «وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّاتِهِم» قَالَ «كأنَّهم الذَّر فِي آذِيِّ الْمَاءِ» الآذِيُّ- بِالْمَدِّ وَالتَّشْدِيدِ-: الْمَوْجُ الشَّدِيدُ. وَيُجْمَعُ عَلَى أَوَاذِيّ.

ومنه خطبة على: «تلتطم أَوَاذِيُّ أمْوَاجِها»


(١) في اللسان: «فخمدوا» إي أصابهم فتور، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بصب الماء البارد عليهم لينشطوا.
(٢) في اواللسان: زيد بن أرقم.

<<  <  ج: ص:  >  >>