بِالتَّشْدِيدِ للمبالغَة. وَمَعْنَى الْحَدِيثِ: أَنْ يَشْتريَ مِنْ إِنْسَانٍ طَعَامًا بِديناَر إِلَى أجَل، ثُمَّ يَبيعُه مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيرِه قبلَ أَنْ يقبِضَه بدِيناَرَين مَثَلًا، فَلَا يَجوز؛ لِأَنَّهُ فِي التَّقدير بَيْعُ ذَهَب بذَهب والطَّعام غائبٌ، فَكَأَنَّهُ قَدْ باعَه دِيناره الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الطَّعام بِدِينَارَيْنِ، فَهُوَ رِبًا؛ وَلِأَنَّهُ بَيْعُ غَائِبٍ بنَاجزٍ وَلَا يَصحُّ. وَقَدْ تكرَّر فِيهِ ذكرُ الرَّجَاء بِمَعْنَى التَّوقُّع وَالْأَمَلِ. تَقُولُ رَجَوْته أَرْجُوهُ رَجْوًا وَرَجَاءً وَرجاوَة، وَهَمْزَتُهُ مُنْقلبة عَنْ وَاوٍ، بِدَلِيلِ ظُهُورها فِي رَجَاوَة، وَقَدْ جَاءَ فِيهَا رَجَاءَةٌ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إلاَّ رَجَاءَةَ أَنْ أكونَ مِنْ أهْلِها» .
(س) وَفِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ «لَّما أُتي بكَفَنه قَالَ: إنْ يُصِبْ أَخُوكُمْ خَيْرًا فعَسى وإلاَّ فَلْيَتَرَامَ بِي رَجَوَاهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» أَيْ جانِبا الحُفْرة، والضميرُ راجعٌ إِلَى غَير مَذْكُور، يريدُ بِهِ الحُفْرة. والرَّجا مقْصُورٌ: ناحيةُ الْمَوْضِعِ، وتَثْنيتهُ رَجَوان، كعَصاً وعَصَوان، وجمعُه أرْجاء. وَقَوْلُهُ: فليَتَرامَ بِي، لفْظه أمْرٌ، وَالْمُرَادُ بِهِ الخَبر: أَيْ وَإِلَّا تَرَامى بِي رَجَواها، كَقَوْلِهِ «فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا» .
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ «١» ووصَفَ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ: «كَانَ النَّاسُ يَرِدُونَ مِنْهُ أرْجاَء وادٍ رَحْبٍ» أَيْ نَواحِيَه، وَصَفَه بِسَعَةِ الْعَطَنِ وَالِاحْتِمَالِ وَالْأَنَاةِ.
بَابُ الرَّاءِ مَعَ الْحَاءِ
(رَحَبَ)
[هـ] فِيهِ أَنَّهُ قَالَ لخُزَيمةَ بْنِ حَكيِم: «مَرْحَباً» أَيْ لَقِيت رُحْباً وسَعَة.
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ رَحَّبَ اللَّهُ بِكَ مَرْحَباً، فَجَعَلَ الْمَرْحَب مَوْضِعَ التَّرْحِيب.
[هـ] وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ زِمْلٍ «عَلَى طَرِيقٍ رَحْبٍ» أَيْ وَاسِعٍ.
وَفِي حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ «فنَحْنُ كَمَا قَالَ اللَّهُ فِينَا: وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ
» .
(١) هو كذلك في الفائق ١/ ٤٦٨. وأخرجه الهروي من حديث ابن الزبير يصف معاوية.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute