للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَعْنِي ذوِي التَّبْليغ، فَأَقَامَ الِاسْمَ مَقَامَ الْمَصْدَرِ الْحَقِيقِيِّ، كَمَا تَقُولُ أَعْطَيْتُهُ عطَاء. وَأَمَّا الْكَسْرُ فَقَالَ الْهَرَوِيُّ: أَرَاهُ مِنَ المُبَالغين فِي التَّبْليغ. يقال بَالَغَ يُبَالِغُ مُبَالَغَةً وبِلَاغاً إذا اجتهدوا فِي الْأَمْرِ، وَالْمَعْنَى فِي الْحَدِيثِ. كُلُّ جَمَاعَةٍ أَوْ نَفْسٍ تُبَلِّغُ عَنَّا وَتُذِيعُ مَا نَقُولُهُ فَلْتُبَلِّغْ وَلْتَحْكِ.

وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ «قَالَتْ لعليَ يَوْمَ الْجَمَلِ قَدْ بَلَغْتَ مِنَّا البُلَغِين» يُروى بِكَسْرِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا مَعَ فَتْحِ اللَّامِ. وَهُوَ مَثَل. مَعْنَاهُ قَدْ بَلَغْت مِنَّا كُلَّ مَبْلَغ. وَمِثْلُهُ قَوْلُهُمْ: لَقِيتُ مِنْهُ البُرَحِينَ «١» ، أَيِ الدَّواهِي، وَالْأَصْلُ فِيهِ كَأَنَّهُ قِيلَ خَطْب بُلَغٌ أَيْ بَلِيغٌ، وأمْرٌ بُرَحٌ أَيْ مُبَرِّح، ثُمَّ جُمِعا جَمْع السَّلَامَةِ إيذَاناً بأنَّ الْخُطُوبَ فِي شِدَّةِ نِكَايَتِهَا بِمَنْزِلَةِ العُقَلاَء الَّذِينَ لَهُمْ قَصْدٌ وتَعَمُّد.

(بَلَقَ)

(س) فِي حَدِيثِ زَيْدٍ «فَبُلِقَ الْبَابُ» أَيْ فُتِح كُلُّهُ، يُقَالُ بَلَقْتُهُ فَانْبَلَقَ.

(بَلْقَعَ)

(هـ) فِيهِ «الْيَمِينُ الْكَاذِبَةُ تَدَعُ الدِّيَارَ بَلَاقِع» البَلَاقِع جَمْعُ بَلْقَع وبَلْقَعَة وَهِيَ الْأَرْضُ القَفْر الَّتِي لَا شَيْءَ بِهَا، يُرِيدُ أَنَّ الْحَالِفَ بِهَا يَفْتَقِر وَيَذْهَبُ مَا فِي بيتْه مِنَ الرِّزْقِ. وَقِيلَ هُوَ أَنْ يُفرّق اللَّهُ شَمْلَهُ ويُغَيِّر عَلَيْهِ مَا أَوْلَاهُ مِنْ نِعَمِه.

وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «فأصْبَحَت الأرضُ مِنِّي بَلَاقِع» ، وصَفَها بِالْجَمْعِ مُبَالَغَةً، كَقَوْلِهِمْ أرْضٌ سَبَاسِبُ، وثوبٌ أخْلاَقٌ.

[هـ] وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «شَرُّ النِّسَاءِ البَلْقَعَة» أَيِ الْخَالِيَةُ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ.

(بَلَلَ)

(هـ) فِيهِ «بُلُّوا أَرْحَامَكُمْ ولوْ بالسَّلام» أَيْ نَدُّوها بِصِلَتِها. وَهُمْ يُطْلقُون النَّدَاوة عَلَى الصِّلة كَمَا يُطْلِقُون اليُبْس عَلَى القَطِيعة، لِأَنَّهُمْ لَمَّا رأوْا بَعْضَ الْأَشْيَاءِ يَتَّصِلُ وَيَخْتَلِطُ بِالنَّدَاوَةِ، ويحصُل بَيْنَهُمَا التَّجافي والتَّفرُّق باليُبْس اسْتَعَارُوا البَلَل لمعْنَى الْوَصْلِ، وَالْيُبْسَ لِمَعْنَى الْقَطِيعَةِ.

(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فَإِنَّ لَكُمْ رَحماً سأبُلُّها بِبِلَالِهَا» أَيْ أصِلكم فِي الدُّنْيَا وَلَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا. والبِلَال جَمْعُ بَلَل. وَقِيلَ هُوَ كُلُّ مَا بلَّ الحلْق مِنْ ماءٍ أَوْ لَبَنٍ أَوْ غَيْرِهِ.

(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ طَهْفَةَ «ما تبضّ بِبِلَال» أراد به اللبَن. وقيل المطر.


(١) البرحين: بتثليث الباء. كما في القاموس.

<<  <  ج: ص:  >  >>