للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْ بَعْدِ نُوحٍ» قِيلَ: أَرَادَ بِنُوحٍ عُمَرَ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَشَارَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا فِي أسارَى بَدْرٍ، فأشارَ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ بِالْمَنِّ عَلَيْهِمْ، وأشارَ عَلَيْهِ عُمر بقَتْلهم، فَأَقْبَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَقَالَ: «إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ ألْينَ فِي اللَّه مِنَ الدُّهن باللَّبن «١» » وَأَقْبَلَ عَلَى عُمَرَ فَقَالَ: «إِنَّ نُوحًا كَانَ أشدَّ فِي اللَّه مِنَ الحَجَر» فشَبَّه أَبَا بَكْرٍ بإبراهيمَ حِينَ قَالَ «فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» وشَبَّه عُمَرَ بِنُوحٍ، حِينَ قَالَ: «لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً» .

وَأَرَادَ ابنُ سَلَامٍ أَنَّ عُثْمَانَ خليفةُ عُمَرَ الَّذِي شُبِّه بِنُوحٍ، وَأَرَادَ بيَوم الْقِيَامَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، لِأَنَّ ذَلِكَ القولَ كَانَ فِيهِ.

وَعَنْ كَعْبٍ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يَظْلم رَجُلًا يَوْمَ الْجُمُعَةَ، فَقَالَ: ويْحَكَ، تَظلِم رجُلا يَوْمَ الْقِيَامَةِ! وَالْقِيَامَةُ تَقُومُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. وَقِيلَ: أَرَادَ أَنَّ هَذَا القولَ جَزاؤه عَظِيمٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

(نَوَدَ)

(س) فِيهِ «لَا تَكُونُوا مثلَ الْيَهُودِ، إِذَا نَشَروا التَّوراة نَادُوا» يُقَالُ: نَادَ يَنُودُ، إِذَا حَرَّك رأسَه وأكتافَه. ونَادَ مِنَ النُّعاس نَوْداً، إِذَا تَمايَل.

(نَوَرَ)

- فِي أَسْمَاءِ اللَّه تَعَالَى «النُّورُ» هُوَ الَّذِي يُبْصِرُ بِنُورِهِ ذُو العَماية، ويَرْشُد بهُداه ذُو الغَوَاية. وَقِيلَ: هُوَ الظَّاهِرُ الَّذِي بِهِ كلُّ ظُهورٍ. فَالظَّاهِرُ فِي نفسِه المُظْهِر لِغَيْرِهِ يُسَمَّى نُوراً.

وَفِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ «قَالَ لَهُ ابنُ شَقِيقٍ: لَوْ رأيتُ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كنتُ أَسْأَلُهُ: هَلْ رأيتَ ربَّك؟ فَقَالَ: قَدْ سَأَلْتُهُ، فَقَالَ: نورٌ أنَّى أَراه؟» أَيْ هُوَ نُورٌ كَيْف أراهُ «٢» .

سُئلَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: مَا زِلْتُ «٣» مُنْكِراً لَهُ، وَمَا أَدْرِي مَا وجْهُه.

وَقَالَ ابْنُ خُزيمة: فِي الْقَلْبِ مِنْ صِحَّة هَذَا الخَبر شَيْءٌ، فإنَّ ابن شقيق لم يكن يثبت أباذر.

وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: النُّورُ جسْمٌ وعَرَض، والبَارِي جلَّ وعزَّ لَيْسَ بجسْم وَلَا عَرض، وإنما


(١) في اللسان: «اللَّيِّن» .
(٢) انظر النووي على مسلم (باب ما جاء في رؤية اللَّه عز وجل، من كتاب الإيمان) .
(٣) في اللسان: «ما رأيت» .

<<  <  ج: ص:  >  >>