للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(جَرْجَرَ)

(هـ) فِيهِ «الَّذِي يَشْرب فِي إنَاء الذَّهَب والفِضَّة إِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِه نارَ جهَنم» أَيْ يُحْدِر فِيهَا نَارَ جَهَنَّمَ. فَجَعَلَ الشُّرب والجَرْع جَرْجَرَةً، وَهِيَ صَوْت وُقُوع الْمَاءِ فِي الجَوف. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: يُروى برَفْع النَّارِ، وَالْأَكْثَرُ النَّصْب، وَهَذَا القَول مَجاز، لِأَنَّ نَارَ جَهَنَّمَ عَلَى الْحَقِيقَةِ لَا تُجَرْجِرُ فِي جَوْفِه، والجَرْجَرَةُ: صَوْت البَعير عِنْدَ الضَّجر، ولكِنَّه جَعل صَوت جَرْع الْإِنْسَانِ لِلْمَاءِ فِي هَذِهِ الْأَوَانِي الْمَخْصُوصَةِ- لِوُقُوع النَّهْيِ عَنْهَا واسْتِحْقاق الْعِقَابِ عَلَى استِعْمالها- كجَرْجَرَةِ نَارِ جَهَنَّمَ فِي بطْنِه مِنْ طَرِيق الْمَجَازِ؛ هَذَا وجْهُ رفْع النَّارِ. وَيَكُونُ قَدْ ذَكَرَ يُجَرْجِرُ بِالْيَاءِ للفصْل بيْنَه وبَيْن النَّارِ. فأمَّا عَلَى النَّصْب فالشَّارِب هُوَ الفاعِل، والنَّار مَفْعُولُهُ، يُقال جَرْجَرَ فُلَانٌ الْماء إِذَا جرعَه جَرْعاً مُتَواتِراً لَهُ صَوْت. فالمعْنى كأنَّما يَجْرَع نَارَ جَهَنَّمَ.

وَمِنْهُ حَدِيثُ الْحَسَنِ «يَأتِي الحُبَّ فَيَكْتَازُ مِنْه ثُمَّ يُجَرْجِرُ قَائِمًا» أَيْ يَغْتَرِف بالكُوز مِنَ الْحُبّ، ثُمَّ يَشْرَبه وَهُوَ قائم.

والحديث الآخر «قوْم يَقْرأون الْقُرْآنَ لَا يُجاوز جَرَاجِرَهُمْ» أَيْ حُلُوقَهم، سَمَّاها جَرَاجِرَ لجَرْجَرَةِ الْمَاءِ.

(جَرْجَمَ)

(هـ) فِي حَدِيثِ قَتَادَةَ، وَذَكَرَ قصَّة قَوْمِ لُوط «ثُمَّ جَرْجَمَ بَعْضها عَلَى بَعْضٍ» أَيْ أسْقَط. والمُجَرْجَمُ: المَصْرُوع.

وَمِنْهُ حَدِيثُ وَهْبٍ «قَالَ: قَالَ طالُوتُ لِدَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنْتَ رجُل جَريء، وَفِي جِبَالِنَا هَذِهِ جَرَاجِمَةٌ «١» يَحْتَرِبُون النَّاس» أَيْ لُصُوص يَسْتَلِبُون النَّاسَ ويَنْهَبُونَهم.

(جَرَحَ)

- فِيهِ «الْعَجْمَاءُ جَرْحُهَا جُبَار» الجَرْحُ هَاهُنَا بفَتْح الْجِيمِ عَلَى المصْدَر لاَ غَيْرُ، قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ: فَأَمَّا الجُرْحُ بِالضَّمِّ فهُو الاسْم.

(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ بَعْضِ التَّابِعِينَ «كثُرت هَذِهِ الْأَحَادِيثُ واسْتَجْرَحَتْ» أَيْ فسَدت وقَلَّ صِحَاحُها، وَهُوَ اسْتَفْعَلَ، مِنْ جَرَحَ الشّاهدَ إِذَا طَعَن فِيهِ وَرَدَّ قَوْلَهُ. أَرَادَ أَنَّ الْأَحَادِيثَ كَثُرتْ حَتَّى أحْوَجَت أهلَ الْعِلْمِ بِهَا إِلَى جَرْحِ بعض رُواتها ورَدّ روَايته.


(١) في الدر النثير: «وروي بالحاء أوله. وهو تصحيف» . وانظر «حرج» فيما يأتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>