وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِنَّمَا أُنَسَّى لأسُنّ» أَيْ لأذْكُر لَكُمْ مَا يَلْزَمُ النَّاسِى، لِشَيْءٍ مِنْ عبادتِه، وأفْعَل ذَلِكَ فتَقْتدوا بِي.
(هـ) وَفِيهِ «فَيُتْرَكون فِي الْمَنْسَى تحتَ قَدَم الرَّحْمَنِ» أَيْ يُنْسَوْنَ في النار.
و «تحت القَدَم» استِعارةٌ، كَأَنَّهُ قَالَ: يُنْسِيهِمُ اللَّه الخَلْقَ، لِئَلَّا يَشْفع فِيهِمْ أَحَدٌ. قَالَ الشَّاعِرُ:
أبْلَت مودّتَها الليالِي بعدَنا ... ومَشَى عَلَيْهَا الدهْرُ وَهُوَ مُقَيَّدُ
وَمِنْهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يومَ الْفَتْحِ «كُلُّ مأثُرة مِن مآثِر الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَىَّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» .
وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ «وَدِدْتُ أنِّي كنتُ نَسْياً مَنْسِيّاً» أَيْ شَيْئًا حَقيرا مُطَّرَحاً لَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ. يُقَالُ لخِرْقة الْحَائِضِ: نِسْىٌ، وَجَمْعُهُ: أَنْسَاءٌ. تَقُولُ الْعَرَبُ إِذَا ارْتَحلوا مِنَ الْمَنْزِلِ:
انظُروا أَنْسَاءَكُمْ. يُرِيدُونَ الْأَشْيَاءَ الْحَقِيرَةَ الَّتِي لَيْسَتْ عِنْدَهُمْ بِبَالٍ. أَيِ اعْتَبروها؛ لِئَلَّا تَنْسَوْهَا فِي المنزِل.
(س) وَفِي حَدِيثِ سَعْدٍ «رَمَيْتُ سُهَيْل بْنَ عَمرو يومَ بَدْر فَقَطَعْتُ نَسَاه» النَّسَا، بوَزْن الْعَصَا: عِرْق يَخْرج مِنَ الوَرِك فيَسْتَبْطِن الفَخذ. وَالْأَفْصَحُ أَنْ يُقَالَ لَهُ: النَّسا، لَا عِرق النَّسا.
بَابُ النُّونِ مَعَ الشِّينِ
(نَشَأَ)
(س) فِيهِ «إِذَا نَشَأَتْ بَحْرِيَّةً ثُمَّ تَشاءَمَت فتِلك عينٌ غدَيْقَةٌ» يُقَالُ: نَشَأَ وأَنْشَأَ، إِذَا خَرج وابْتَدأ. وأَنْشَأَ يَفْعَل كَذَا، وَيَقُولُ كَذَا: أَيِ ابْتَدَأَ يَفْعل وَيَقُولُ. وأَنْشَأَ اللهُ الخلقَ: أَيِ ابْتَدَأَ خَلْقَهم.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «كَانَ إِذَا رَأَى نَاشِئاً فِي أُفُق السَّمَاءِ» أَيْ سَحاباً لَمْ يتَكامَل اجتماعُه واصطِحابُه. وَمِنْهُ: نَشَأَ الصَّبِيُّ يَنْشَأُ نَشْأً فَهُوَ نَاشِئٌ، إِذَا كَبِرَ وشَبَّ وَلَمْ يَتكامَل.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «نَشَأٌ يَتَّخِذون القرآنَ مَزاميرَ» يُرْوى بِفَتْحِ الشِّينَ، جَمْعُ نَاشِئٍ، كخادِم وخَدَم. يُرِيدُ جماعةً أحْداثا.