للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قليلُه. وَقِيلَ هُوَ مِنَ الْإِسْرَافِ والتَّبذير فِي النَّفقة لِغَيْرِ حاجةٍ، أَوْ فِي غيرِ طاعةِ اللَّهِ، شبَّهت مَا يَخْرج فِي الإكْثار مِنَ اللَّحم بِمَا يَخْرُجُ فِي الخَمر. وَقَدْ تَكَرَّرَ ذكْر الْإِسْرَافِ فِي الْحَدِيثِ. والغالبُ عَلَى ذِكْرِهِ الإكثارُ مِنَ الذُّنوب والخَطايا، واحْتِقاب الأوزَار والآثَام.

وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أرَدْتكم فَسَرِفْتُكُمْ» أَيْ أخْطأتُكم.

وَفِيهِ «أَنَّهُ تزَوَّج مَيمونَة بِسَرِفٍ» هُوَ بِكَسْرِ الرَّاءِ: مَوْضِعٌ مِنْ مَكَّةَ عَلَى عَشْرة أَمْيَالٍ. وَقِيلَ أقلَ وأكْثر.

(سَرَقَ)

(هـ) فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ «قَالَ لَهَا: رأيتُكِ يحْمِلُك المَلَك فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرير» أَيْ فِي قِطْعة مِنْ جَيِّد الْحَرِيرِ، وَجَمْعُهَا سَرَقٌ.

وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ «رأيتُ كأنَّ بِيَدِي سَرَقَةً مِنْ حَرِيرٍ» .

وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ «إِذَا بِعْتم السَّرَق فَلَا تشْتَرُوه» أَيْ إِذَا بِعْتُموه نَسِيئَةً فَلَا تَشْتَرُوه، وَإِنَّمَا خَصَّ السَّرَقَ بالذِّكر لِأَنَّهُ بَلغه عَنْ تُجَّارٍ أَنَّهُمْ يَبِيعُونَهُ نَسيئةً ثُمَّ يشتُرونه بدُون الثَّمن، وَهَذَا الْحُكْمُ مُطَّردٌ فِي كُلِّ المَبِيعَات، وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى العِينَة.

(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ «أنَّ سَائِلًا سَأَلَهُ عَنْ سَرَقِ الْحَرِيرِ. فَقَالَ: هلاَّ قُلْتَ شُقَق الْحَرِيرِ» قَالَ أَبُو عُبِيدٍ: هِيَ الشُّقَق إلاَّ أَنَّهَا البيضُ مِنْهَا خاصَّة، وَهِيَ فارِسية، أَصْلُهَا سَرَه، وَهُوَ الجَيِّد.

وَفِي حَدِيثِ عَدِىّ «مَا تَخاف عَلَى مَطِيَّتها السَّرَقُ» السَّرَقُ بِالتَّحْرِيكِ بِمَعْنَى السَّرِقَة، وَهُوَ فِي الْأَصْلِ مصدَر. يُقَالُ سَرَقَ يَسْرِقُ سَرَقاً.

وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «تَسْتَرِق الجنُّ السمعَ» هُوَ تَفْتَعِل، مِنَ السَّرِقَة، أَيْ أَنَّهَا تسْتمعُه مُخْتَفِيةً كَمَا يَفْعَلُ السَّارِق. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ فِعْلاً ومَصْدراً.

(سَرَمَ)

(س) فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «لَا يَذْهَبُ أمرُ هَذِهِ الأمَّة إلاَّ عَلى رَجُل واسِع السُّرْمِ ضَخْم البُلعُوم» السُّرْمُ: الدُّبُر، والبُلعُوم: الْحَلْقُ، يُريد رجُلا عَظِيمًا شَدِيدًا.

وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ إِذَا اسْتَعْظَمُوا الأمرَ واستصْغَروا فاعِلَه «إِنَّمَا يَفْعَلُ هَذَا مَنْ هُو أوسَع سُرْماً مِنْكَ» ويجوزُ أَنْ يُريدَ بِهِ أَنَّهُ كَثِيرُ التَّبذير والإسْرَاف فِي الأمْوال والدِّماء، فوصَفه بسَعَة المَدْخَل والمخْرج.

<<  <  ج: ص:  >  >>