وخَصَّ الْيَمِينَ لِأَنَّهَا فِي الأكْثَر مَظِنَّة العطاءِ عَلَى طَريق المجازِ وَالِاتِّسَاعِ، والليلَ وَالنَّهَارَ مَنْصُوبَانِ عَلَى الظَّرْفِ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ «أَنَّهُ قَالَ لِأُسَامَةَ حِينَ أَنْفَذَ جَيْشَهُ إِلَى الشَّامِ: أغِرْ عَلَيْهِمْ غَارَةً سَحَّاءَ» أَيْ تَسُحُّ عَلَيْهِمُ البَلاء دَفْعةً مِنْ غَيْرِ تلبُّثٍ «١» .
(هـ) وَفِي حَدِيثِ الزُّبَيْرِ «ولَلدُّنيا أهونُ علىَّ مِنْ مِنْحةٍ سَاحَّةٍ» أَيْ شَاةٍ مُمْتلئة سِمَناً.
وَيُرْوَى سَحْسَاحَة، وَهُوَ بِمَعْنَاهُ. يُقَالُ سَحَّتِ الشَّاةُ تَسِحُّ بِالْكَسْرِ سُحُوحاً وسُحُوحَةً، كَأَنَّهَا تصُبّ الوَدَك صَبًّا.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ «مررتُ عَلَى جَزُورٍ سَاحٍّ» أَيْ سَمينةٍ.
وحديثَ ابْنِ مَسْعُودٍ «يَلقَى شيطانُ الْكَافِرِ شيطانَ المؤْمن شَاحِبًا أَغْبَرَ مَهْزُولًا، وَهَذَا سَاحٌّ» أَيْ سَمِينٌ، يَعْنِي شَيْطَانَ الْكَافِرِ.
(سَحَرَ)
(هـ) فِيهِ «إنَّ مِنَ البَيان لَسِحْراً» أَيْ مِنْهُ مَا يَصرف قُلُوبَ السَّامِعِينَ وَإِنْ كَانَ غيرَ حَقٍّ. وَقِيلَ مَعْنَاهُ إِنَّ مِنَ البَيان مَا يكْتَسب بِهِ مِنَ الإثْم مَا يكْتَسبه السَّاحِرُ بِسحْرِه، فَيَكُونُ فِي مَعْرِض الذَّم، ويجوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَعْرض المَدْح؛ لِأَنَّهُ يُسْتمالُ بِهِ القلوبُ، ويُتَرضى بِهِ السَّاخِطُ، ويُسْتنْزل بِهِ الصَّعْب. والسِّحْرُ فِي كَلَامِهِمْ: صَرفُ الشَّيْءِ عَنْ وجْهه.
(س) وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ «ماتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ سَحْرِي ونَحْرى» السَّحْرُ: الرِّئَةُ، أَيْ أَنَّهُ ماتَ وَهُوَ مُسْتَنِد إِلَى صدرِها وَمَا يُحاَذِى سَحْرَها مِنْهُ. وَقِيلَ السَّحْرُ مَا لَصِق بالحُلقْوم مِنْ أَعْلَى الْبَطْنِ. وَحَكَى الْقُتَيْبِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْجِيمِ، وَأَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فشَبَّك بَيْنَ أَصَابِعِهِ وقدَّمها عَنْ صدرِه، كَأَنَّهُ يضُم شَيْئًا إِلَيْهِ: أَيْ أَنَّهُ مَاتَ وَقَدْ ضَمَّتْهُ بِيَدَيْهَا إِلَى نَحْرِهَا وَصَدْرِهَا، وَالشَّجْرُ: التَّشْبِيكُ، وَهُوَ الذَّقَنُ أَيْضًا. وَالْمَحْفُوظُ الأوّلُ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي جَهْلٍ يَوْمَ بَدْرٍ «قَالَ لعُتْبة بْنِ رَبِيعَةَ: انْتَفَخ سَحْرُكَ» أَيْ رِئَتُك.
يُقَالُ ذلك للجباَنْ.
(١) ويروى «سنحاء» بالنون، و «مسحاء» بالميم، وسيأتي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute