للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كسْر الْهَمْزَةِ مَنْسُوبَةً إِلَى الإِنْس وَهُمْ بَنُو آدَمَ، الْوَاحِدُ إِنْسِيّ. وَفِي كِتَابِ أَبِي مُوسَى مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْهَمْزَةَ مَضْمُومَةٌ، فَإِنَّهُ قال: هي التي تَأْلَفُ الْبُيُوتَ والأُنْس، وَهُوَ ضِدُّ الوَحْشة، وَالْمَشْهُورُ فِي ضِدّ الْوَحْشَةِ الأُنْس بالضَّم، وَقَدْ جَاءَ فِيهِ الكَسْر قَلِيلًا. قَالَ وروَاه بَعْضُهُمْ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالنُّونِ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ. قلتُ: إِنْ أَرَادَ أَنَّ الْفَتْحَ غَيْرُ مَعْرُوفٍ فِي الرِّوَايَةِ فَيَجُوزُ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ فِي اللُّغَةِ فَلَا، فإِنه مَصْدَر أَنِسْتُ بِهِ آنَسُ أَنَساً وأَنَسَةً.

وَفِيهِ «لَوْ أَطَاعَ اللَّهُ الناسَ فِي النَّاسِ لَمْ يَكُنْ نَاسٌ» قِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّ النَّاسَ إِنَّمَا يُحِبُّونَ أَنْ يُولَدَ لَهُمُ الذُّكْرانُ دُونَ الْإِنَاثِ، ولَو لَم يكُن الْإِنَاثُ ذهَبَت النَّاس. وَمَعْنَى أَطَاعَ:

اسْتَجَابَ دُعَاءَهُمْ.

وَفِي حَدِيثِ ابْنِ صَيَّادٍ «قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ: انْطَلِقُوا بِنَا إِلَى أُنَيْسَيَان قَدْ رَابنا شأنُه» هُوَ تَصْغِيرُ إِنْسَانٍ جَاءَ شَاذّاً عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَقِيَاسُ تَصْغِيرِهِ أُنَيْسَان.

(أَنِفَ)

(هـ) فِيهِ «الْمُؤْمِنُونَ هيّنُون لَيّنُون كَالْجَمَلِ الأَنِف» أَيِ المَأْنُوف، وَهُوَ الَّذِي عقَرَ الخِشَاشُ أنْفَه فَهُوَ لَا يَمْتَنِع عَلَى قائدِه للْوَجَع الَّذِي بِهِ. وَقِيلَ الأَنِفُ الذَّلُول. يُقَالُ أَنِفَ الْبَعِيرُ يَأْنَفُ أَنَفاً فَهُوَ أَنِفٌ إِذَا اشْتَكَى أنْفَه مِنَ الخِشَاش. وَكَانَ الْأَصْلُ أَنْ يُقَالَ مَأْنُوف لِأَنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ، كَمَا يُقَالُ مَصْدورٌ ومَبْطُون لِلَّذِي يشْتَكي صَدْرَهُ وبَطْنه. وَإِنَّمَا جَاءَ هَذَا شَاذًّا، ويروَى كَالْجَمَلِ الآنِفِ بِالْمَدِّ، وهُو بِمَعْنَاهُ.

وَفِي حَدِيثِ سَبْقِ الحدثِ فِي الصَّلَاةِ «فليأخُذ بِأَنْفِهِ ويَخْرُج» إِنَّمَا أَمَرَهُ بِذَلِكَ لِيُوهِمَ الْمُصَلِّينَ أَنَّ بِهِ رُعافا، وَهُوَ نَوْع مِنَ الْأَدَبِ فِي ستْر العَوْرة وَإِخْفَاءِ الْقَبِيحِ، وَالْكِنَايَةِ بالأحْسَن عَنِ الأقْبح، وَلَا يَدخُل فِي بَابِ الْكَذِبِ وَالرِّيَاءِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ التَّجمُّل وَالْحَيَاءِ وَطَلَبِ السَّلَامَةِ مِنَ النَّاسِ.

[هـ] وَفِيهِ «لِكُلِّ شَيْءٍ أُنْفَةٌ وأُنْفَةُ الصَّلَاةِ التَّكْبيرَةُ الْأُولَى» أُنْفَةُ الشَّيْءِ: ابْتِدَاؤُهُ، هَكَذَا رُوِيَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ. قَالَ الْهَرَوِيُّ: وَالصَّحِيحُ بِالْفَتْحِ.

[هـ] وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا «إِنَّمَا الْأَمْرُ أُنُفٌ» أَيْ مُسْتَأْنَفٌ اسْتِئْنَافاً مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ سَبَقَ بِهِ سَابِقُ قَضَاءٍ وَتَقْدِيرٍ، وَإِنَّمَا هو [مقصور] «١» على اختيارك ودخولك فيه.


(١) الزيادة من الهروى.

<<  <  ج: ص:  >  >>